مستوى الخطاب وانعكاسه على السلوك الاجتماعي للأفراد (المتابع لكأس العالم)

بطبيعة الانسان وفطرته ان يدافع عمن يحب مهما كانت الانتقادات باتجاهه او الاشياء التي هو يراها فيه وغيره لا يراها..

طبعا، هذا المونديال هو أحد المحطات بحياتنا الاجتماعية سيما في زمن التواصل الذي يتيح لأكثر للناس ان تكون على عراك بشكل أوسع ومساحة أكبر في عملية تقييم مجرياته وبشكل مباشر دون مسافات مكانية ولا زمنية.

شاهد لنفترض هذا المونديال، بكل مبارياته تقريياً، حوالي ست مليارات بشري على مساحة عدد المباريات التي تمت والتي عددها 64 مباراة، وجميعنا شاهد مع كل فريق يشجعه اخطاء غيره ممن لا يشجع من هذا الفريق او ذاك يعتبرها ليست أخطأ بمانىء عن صحية التقييم من عدمه لان هو همه اخراج الفريق المعني من طريق الفريق الذي يشجعه حتى ولو كان في يقينه ان هذا التحكيم كان خطأ او ذاك القرار كان خاطئ وهذا حصل في كافة ادوار المباريات وخصوصا في الاقصائية منها او المركبة..

وكثير من المتابعين كانوا يؤشرون على هذه الاخطاء القاتلة، ولكن لا قيمة لرأيهم لان في الملعب حكم يتخذ القرارات و”فار” يتلاعب بالأهداف والاحداث وحتى النتائج ولجنة خفية تدير الالعاب وما يتناسب والارباح المتوخاة، والمراهنات شئنا ام ابينا، ففي كل لعبة ومن اي نوع كانت في الرياضات العالمية المختلفة وذات المركبات تدخل في عالم البورصة من ناحية والمكسب المالي والمراهنات والاسهم وغيرها من ناحية ثانية.

فهم هؤلاء من يقررون النتائج النهائية، وفقا لنتائج ارباحهم الكلية.. طالما شاهدنا نتائج اولية فجأة تختلف في اخر اللحظات بشكل دراماتيكي لتدخل مرحلة الوقت الاضافي واللعب على الاعصاب..

إذا، من هذه الخلاصة

نجد ان من يحب فريق معين او لاعب معين فهو لا يقبل اي انتقاد له بل يعتبر مشواره الرياضي هو هدف اخير له ويجب ان يدعمه لانه يحقق له فرحته ونشوته ولو لم يكسب قرشا واحدا من وراء تعصبه له… وهنا يخضع الامر للسلوك وطبيعة هذا السلوك لدى الانسان عموما بصفته مفطور على الحب والعشق والفعل والانفعال.

ويأخذ البعض بالدفاع عمن يحب في بعض الاحكام ويكره لمن لا يحب في نفس الاحكام.. يعني حين يحتسب ضربة جزاء على من يحب يكون موقفه رافض وموازي للأخر بالرفض وحين تقع ضربة الجزاء لصالحه فهو يدافع عنها كحق مكتسب ومشروع ولو كان على يقين انها غير صحيحة ولكنها تخدم فريقه الذي يشجعه او اللاعب الذي يحب..

وهذا ينطبق على الجميع، فيرفضون انتقاد فريقهم المفضل او انتقاد نتائجه المحصلة.. باعتبارها حقتً مشروعةً لبلوغ النتيجة المرتجاة..

مثلا حصول ميسي على ضربة جزاء في كل مباراة منذ المباراة الاولى ولغاية النهائي …

للمراقبين المحايدين او الذين هم مع هو امر ملفت جدا ومرفوضاً اساساً وواضح بانها لعبة وفقا لموقفهم.. وهم يرفضونها ايضا احياناً ولو كانت محقة..

ولكن للذين يحبون ميسي يعتبرونها حقا مكتسباً وعاملاً ايجابياً له ولفريقه لتحقيق غايتهم وهدفهم رغم انهم وفي قرارة أنفسهم يعترفون بان الامر فيه ألف علامة استفهام.. ولكن لا بأس لطالما تخدم بلوغ الهدف.

وحين ينال اي فريق اخر بالمقابل ضربة جزاء يبدؤون بالقول: انها غير صحيحة. الخ الخ.

والغاية ليست لأنها غير صحيحة، بل لأنها تهدد الفريق الذي يؤيدون بالخسارة ولو كانت ضربة جزاء صحيحة مئة بالمئة.

لهذا قلنا من خلال المتابعة، ان اي حكم على اي مباراة ما لم يأخذ المتابع صفة المحايدة ستكون احكامه عاطفية وتبعده عن الحكم المنطقي العقلاني، وخصوصا عندما يدخل عامل الاستفزاز ايضا.

نختم

ان المونديال وغيره من المسابقات الرياضية المشابهة تخضع لنفس القوانين العاطفية في التقدير والتقرير ولكنها ايضا تخضع لنفس القوانين الحاسمة التي يقررها الحكام ومجموعة القوى المسيطرة على مجريات هذه اللعبة والتي يمكنهم ان يغيروا بنتيجتها بكل سهولة وباسلوب رفيع التخطيط من غير ان يدرك المشاهد حتى ذلك..

وأكبر دليل اليوم… ان تبقى النتيجة للدقيقة ثمانين خاسرة.. وفجأة ينقلب كل شيء لتدخل العالم في فورة تشجيع عاطفية وردة فعل اضافية لخلق نوع من الفنتازيا الرياضية وصناعة الاسطورة المضاعفة… ونجحوا بذلك نجاحا باهرا حاولوا من خلال اغراق المتابع في الندية بين الفريقين واسلوب التشويق

ولتعود وتنتهي النتيجة من جديد كما هو مخطط بالضبط بطريقة دراماتيكية ممجوجة احبطت من كان مع الفرنسيين وادخلت النشوة لمكن كان مع الارجنتينيين بالطبع هذه الحالة لن يقبلها المؤيد بالمطلق ولن يشكك بها بينما الذي لا يؤيد الارجنتين سيذهب بعيدا في التحليل والقبول والرفض… ووضع مبدأ المؤامرة بالواجهة وهذا ما يشكك به المحب او حتى يرفضه بكل تأكيد.

على كل الاحوال…

بين كلمات التتويج والصور التي شهدناها وصراخ القاب الأسطرة والاحتفالية المبالغة له بالشخصي وخصوصا بالعباءة الخليجية نعني لميسي كان واضحاً جيدا لغة المال هي التي تحكم فرحة بالظاهر بينما على وجهه هو بانه يعلم بانه كان ممثلا بارعاً بنتيجة يعلمها مسبقا ولكنه لم يكن هذا حلمه الحقيقي لأنه محسوم له… انما خسر الحلم الحقيقي كما قال احد المدربين المعلقين على احد القنوات الناقلة قوله: (كان حلم ميسي ان يكون هداف الكأس ولكنه اضاع الفرصة حين فتح باب التسجيل لمبابي فسلبه الحلم وضاعت منه امنية مستحقة) ..

هذه ليست مجرد كلمات عابرة لمراقب أجنبي انما كلمات لها مداليلها العميقة.. من شخص عالم بمجريات الاحداث عن قرب ولربما يعرف النتائج النهائية ايضا.

نعود ونكرر لن يقبلها المحب، وسيأخذها الكاره سيف يحارب به انه التعويم الصريح..

وحتى من سيطلع هنا سيأخذ ايضا وفق عاطفته..

فمن كان مع الرابح لن يقبل هذا الصورة مهما كلف الامر وسيعتبرها تشويه تدخل في مبدأ (نظرية المؤامرة)

بينما من كان ضد الرابح سيقول: انها الحقيقة

نعم هي طبيعة النفس البشرية مفطورة على الحب والكره وسلوك يعين لها مكاسبها ويشبع لها احلامها فتقبل وترفض وفق هذه الفطرة ولو كانت على يقين بان العكس هو صحيح.. فلن تقبل الا ما يوافيها ويحقق لها الاشباع الداخلي في القبول والرفض.

نكتفي بهذه الخلاصة

ليبق البحث على سجيته الى نهايته.

تحية وشكر

هاشم حسين

باحث في علم الاجتماع

موضوع: متعلق كأس العالم: مستوى الخطاب وانعكاسه على السلوك الاجتماعي للمتابع.

يتبع: مستوى الخطاب وانعكاسه بين المشجعين..

19\12\2022

شاهد أيضاً

يديعوت أحرونوت: تكتيكات حزب الله حيرت قيادة الجيش الإسرائيلي

قال يوسي يوشع المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الخطر الماثل من حزب الله اللبناني …

اترك تعليقاً