تحت عنوان: القوميون الاجتماعيون بين العرب والعروبة ونظرة الدونية

الدكتور هاشم حسين باحث في علم الاجتماع

تحية طيبة وبعد،

في كل سانحة يكتب البعض بعدائية اتجاه العرب وفكرة العروبة واصحابها مرتكزاً على افكاره الشخصية بهذا الشأن، ويقوم البعض بالإعجاب فيه والاعجاب بمكان اخر مناقض.. ثم، وليحاول اضفاء الشرعية على ما يكتبه، يسند ذلك الى فكر انطون سعادة بشكل استبدادي محملا اياه هذه النظرة الجزئية للعرب والعروبة بنظرة دونية يوقع الاخرين بفهم خاطئ لفكر سعادة عموما، وللحزب السوري القومي الاجتماعي، ونظامه، ورؤيته، ونظرته السيو-استراتيحية لواقع العالم العربي من ناحية، ولسياسته وعلاقاته الاستراتيجية من ناحية ثانية.

ثم يحاول جاهداً الاتيان بأسانيد ليبرر موقفه العدائي وفهمه الخاطئ من اقوال سعادة، وبشكل مجتزأ، ويمزج بين الواقع الاجتماعي للشعوب العربية وبين انظمتها الاستبدادية والشعوبية العدائية او الانبطاحية.

وبسبب سياسات تلك الحكومة، تتم اهانة الشعوب بكليتها!

وايضا هناك من يخلط بين واقع سياسي ومشاكل سياسية، وبين الرياضة والفن والادب، فتصبح نظرته جزئية سفسطائية اقصائية للتفكير السليم، تستجلب الاحقاد والتعنتات، وصناعة الكره على اساس الوهم..

واللافت كما ذكرنا ان البعض، يقوم بالإعجاب بفكرة تعطي الامور حقها، وبنفس الوقت هو نفسه هذا الشخص يقوم بالأعجاب على موضوع تعنتي استفزازي شخصي-فردي يدعي القومية الاجتماعية وهو منها براء.. وخصوصا عندما يسفسط المفردات، ويفردها خلف بعضها دون ان يقارن بحق بين النظرة القومية الاجتماعية وحقيقتها، وبين تلك السفسطة التي يصف كلماتها ظناً منه انه قد بلغ الافق العلي بالوعي للمفاهيم القومية الاجتماعية ونظرتها الى الحياة والوجود.

وكي لا نطيل.. نطرح اسئلة جدية:

ما هو سبب هذا التناقض؟

هل هو فهم خاطئ للقومية الاجتماعية ام مجرد عدائية؟

هل هي شوفينية فكرية تعتبر نفسها هي الحق الأوحد وتجرد كل الامم من حقوقها؟

هل يفهم البعض بان القومية الاجتماعية تنفي وجود نظريات اخرى في هذا الوجود لتفرض حقيقتها هي على الحياة كلها؟

ام انها نظرة جديدة لقيامة الامة السورية وحياتها ورقيها وسيادتها؟

هل القومية الاجتماعية هي نظرة لإقامة الحياة في سورية الطبيعية، ام انها نظرة شوفينية مبنية على مبدأ كره الاجانب وتلغي وجودهم التام؟

هل الفكر السوري القومي الاجتماعي يلغي حقيقة وجود العالم العربي، ام هو يلغي فكرة “الامة العربية”، وهل هناك فرقا بين الامرين ام لا؟

هل الفكر السوري القومي الاجتماعي هو فكر استبدادي يريد الغاء وجود الامم الاخرى ويسعى لفرض سيطرته عليها، ام هو فكر مرتبط بجغرافيا محددة وطبيعة بشرية محددة على اساس مبادئ اساسية ثابتة؟

وهل هناك خلط عند القوميين الاجتماعيين بين الحزب وقضيته الاجتماعية والاقتصادية، ونظرته السياسية والاستراتيجية، وبين الفلسفة القومية الاجتماعية ونظرتها الجديدة الى الحياة واعترافها التام بان الانسانية ليست انسانية واحدة بل مجموع انسانيات تشكل هذا الوجود؟

إذا، من هنا، وفي مسألة العالم العربي، وبعيدا عن العنصرية ونظرة البعض الشوفينية الكريهة التي يلصقها بفكر سعادة الصاقا وعنوة،

نعلن صراحة؛

نحن كقوميين اجتماعيين لنا نظرتنا الواضحة لمسألة العالم العربي، ونحن لا نلغي فكرة وجود العالم العربي كواقع انساني-بشري- اقتصادي-استراتيجي، بل نحن نحارب فكرة “الامة العربية” التي هي حالة وهمية قائمة في ذهن اصحابها على اساس “اللغة والدين”، وهذا ما نحاربه وليس الواقع الجغرافي والاقتصادي والبشري لوجود العالم العربي القائم فعليا، بل نعترف به، ونسعى الى اقامة جبهة عربية عريضة ذات قيمة فعلية في السياسة الانترنسيونية على اساس استراتيجي-اقتصادي-جغرافي يحكمه موقع العالم العربي في وسط العالم القديم والحديث على حدٍ سواء كنقطة ارتكاز استراتيجية بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب.

ولنا رؤيتنا الواضحة في ذلك، ولذلك، وكيفية النظر اليه وفقا لشرح صاحب القومية الاجتماعية السورية نفسها بقلم الزعيم نفسه، وطبيعة هذه النظرة تتميز بكونها تفصل فصلاً تاماً بين حقيقة الامة ونشأتها، وتعريفها، وطبيعتها، وبين واقع العالم العربي المؤلف من أربعة امم جغرافية طبيعية تامة ايضا وهي:

– الامة السورية مركز العالم العربي

– امة الحجاز الذراع الشرقي-الجنوبي للعالم العربي

– امة وادي النيل – الاستراتيجية بموقعها في قلب جغرافية العالم العربي وربطها بين البحر الاحمر والسوري على كتف القارة الافريقية

– وامة المغرب العربي الذراع الغربية الجنوبية للعالم العربي وبوابته نحو العالم الغربي على كتف المحيط الاطلسي واقرب نقطة الى اوروبا القديمة الممتدة من ايطاليا الى فرنسا واسبانيا والبرتغال الى وسط اوروبا

اذا، هذا الواقع الاستراتيجي الذي رأه سعادة مبكراً وشرحه على أهميته، وسعى الى انشاء جبهة عربية حقيقية على اساسه، سُرقت منه الفكرة لاحقاً وانشئت فكرة الجامعة العربية على هذا الأساس، ولكنها اتخذت الجانب السياسي فقط، فرفضها سعادة ورفض الانخراط فيها لأنها اتخذت مبدأ الكيانات السياسية القائمة، وليس الواقع الاجتماعي الجغرافي- الاستراتيجي- الاقتصادي الذي تحدث عنه.

من هنا، نحن كقوميون اجتماعيون لا يوجد عندنا عدائية او شوفينية اتجاه العرب كعرب، او كناطقين باللغة العربية، بل لنا رؤية توحدهم على اسس علمية-اقتصادية-استراتيجية. لان تلك الامم تشترك في واقعها الجغرافي بواقع استراتيجي يشكل درعاً لها مركزيته الامة السورية، ولكل امة بذاتها طبيعة اجتماعية وثقافية واقتصادية وزراعية وبيئة واحدة مستقلة عن الامة الأخرى، وتجمعها على اساس وحدة حياة ووحدة مصير.

فبعض القوميين الاجتماعيين يكتبون بنظرة دونية، وعقدة شوفينية حاربتها القومية الاجتماعية ورفضتها.

لأننا لسنا فكرة قائمة على مبدأ كره الأجانب.

وفي الداخل السوري ما نحاربه هو فكرة “العروبة الوهمية” في عقلية بعض ابناء شعبنا الذين يؤمنون بالأمة على اساس انها واقع “ديني-لغوي-ثقافي” مجرد، وهذا ينافي مبدأ القومية التي تقول بالاجتماع الانساني على اسس اجتماعية كواقع جغرافي-اقتصادي-استراتيجي تتشكل فيه وحدة الحياة ووحدة المصير، تربطها بيئة موحدة تنعكس فيها وتتركب عقلية الانسان واليات تفكيره على اساس مزيج متجانس يستوعب تلك العقلية وينتج منها مبدأ التفوق الذي ميّز الامة السورية عبر التاريخ، وجعلها مركز الحضارة الإنسانية، بل منشأ ام الحضارات كلها على الاطلاق.

يعني، باختصار، اذا فرح البعض بفوز المنتخب المغربي على اسبانيا، او السعودية على الارجنتين، او تونس على فرنسا، فهذا ليس عيباً ان نحتفل به ونهىء المنتخبات الفائزة، او التي عملت انجازا تاريخيا بمواجهة عنصرية رياضية اخضعت كأس العالم لفلسفتها، ونظرتها الخاصة، واوجدت قوانين تحكم لها السيطرة عليها.. ولكنها تفاجأت هذه المرة انها وقعت في شر اعمالها.. وتفوقت عليها فرقا كانت تعتبرها متخلفة ولا مكان لها بين الامم الرياضية..

اما البعض يكتب بكره وحقد ودونية، ثم يأتي ويقول لم تكن فرحة السعوديين لكل العرب وكذلك المغاربة والتوانسة… متهما وشاتما.. فهذه نظرة دونية محضة، وتخالف اصلاً مفهوم القومية الاجتماعية، وهو يخلط بين نظرته للعرب والعروبة ونظرته الشخصية الدونية،

فهؤلاء، فعلا يعترفون بان فرحتهم هي لأممهم ولشعوبهم بالدرجة الأولى، وليس كما حاول الوهميون نسبها حتى للإسلام في إندونيسيا وماليزيا…

واخرين ذهبوا الى اعلانها فتح الاندلس من جديد بغباء مطلق…

نعم هم يقولون الحقيقة، هذه فرحتهم هم وفرحة بلادهم واممهم وشعوبهم.

وعلى اغلب الظن، ان كتابة بعض القوميين الاجتماعيين الدونية ربما ناتجة عن غياب حقيقي للامة السورية عن الساحة الرياضية العالمية فعليا بسبب الفساد والمحسوبية والفوضى، وبسبب الحروب والانتكاسات وغياب الخطط الحكومية الفاعلة لإثبات الوجود بين الامم الحية والاكتفاء بالتنظير عن بُعد وتقييم نجاحات الاخرين وفشلهم..

وهذه المسألة جدية، يجب على القيادات في بلادنا السورية كافة اعادة النظر في كل مركّباتهم السياسية التربوية والرياضية، لإعادة تشكيل جيل جديد يمكنه الانخراط الفعلي في النشاط الانساني العام، ونحن امة مؤهلة للتحدي والفوز وتحقيق المعجزات في كافة الميادين، ولكننا نحتاج الى قيادة تاريخية تعيد الى الامة ريادتها، وحضورها، واشتراكها الفاعل في هذا الوجود وفي صناعة الحضارة الانسانية المعاصرة.

اختم

القومية الاجتماعية ليست نظرة دونية قائمة على مبدأ كره الأجانب، انما هي نظرة اجتماعية تؤمن بحقيقة الامة السورية كأمة قائمة بذاتها لها قضيتها المستقلة عن اي قضية أخرى، وعلى العالم اجمع ان يعترف بحقها في الحياة والوجود وتقرير مصيرها على اساس استقلالها وسيادتها على نفسها جغرافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً.

وكل ما ينافي هذه النظرة، هو نظرة دونية وهو بعيد عن القومية الاجتماعية ويشوه صورتها ويعتدي عليها.

واسلموا للحق والحياة

لتحي سورية وليحي سعادة

الرفيق هاشم حسين

باحث في علم الاجتماع وفق منهج القومية الاجتماعية

كوتونو-بنين 08 12 2022

ملاحظة: هذا النص يحتاج الى مراجعة وتدقيق

شاهد أيضاً

يديعوت أحرونوت: تكتيكات حزب الله حيرت قيادة الجيش الإسرائيلي

قال يوسي يوشع المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الخطر الماثل من حزب الله اللبناني …

اترك تعليقاً