الانتظار

الحياة مجموعة من الاحاسيس الانسانية التي تتشكل فيها شخصية الانسان وتفاصيل ايامه وهي مبدأ التراكم في الحياة نفسها لتصبح طبيعة الانسان وما ينتجه او يتحصل عليه في ذاته ووجوده.

ويعتبر الانتظار أحد تلك الاحاسيس في مجموع التراكم من طبيعة الانسان وهو أحد اهم القضايا التي تتشكل فيها حراك الانسان الذاتي ليصنع ذاته ويشكل حاضره ومستقبله.. فيحيياه بكل تفاصيله ليحقق من خلاله ما يصبو اليه او لبلوغه او لتحقيقه في منهج منظم ما يلبث ان يحدث التراكم ما لم يكن هو ذاته التراكم بعينه، فالحقيقة كل ما يقوم به الانسان من اعمال يبدأ من نقطة الترقب والانتظار، فلا يوجد شيء على الاطلاق يتحقق دون انتظار.

فالانتظار هو السائد في عقل الانسان حين يبدأ في تكوين ذاته..

فالعقل ينتظر الاشارة

والاشارة تنتظر الامر

والامر ينتظر الحدث

والحدث ينتظر الاشارة والامر

والاشارة والامر ينتظران قرار العقل

والعقل ينتظر الاشارة ليصدر الامر..

إذا، هذه في ذات الانسان نفسه، وعقله، فكيف به في وجوده وحياته وكل تفاصيل ذاته؟!

نعم، انه الانتظار

انتظار الكلام

انتظار العطاء

انتظار الامتحان

انتظار النتيجة

انتظار بدء لحظة الصفر

انتظار بدء العمل

انتظار الاجر في اخر النهار، اخر الاسبوع، اخر الشهر او نهاية المدة

انتظار الحبيب

انتظار الحبيبة

انتظار المولود

انتظار الفرج

انتظار المطر

انتظار الحرب

انتظار نهاية المعركة

انتظار النصر

انتظار بلوغ المرامي..

انتظار الطعام

انتظار الراحة

انتظار الاتصال

انتظار اكمال الحديث

انتظار السفر

انتظار صعود الطائرة او النزول منها (أصعب لحظات الانتظار للمسافرين والمغترب عن اهله واحبته)

انتظار سد الدين

انتظار الزبون (حاليا هذه أصعب انواع الانتظار عندنا هنا.. حتى انه اعصاب تسعين بالمئة من تجارنا هنا تلفت اعصابها من الانتظار ولا اخفيكم سراً.. وهو انتظار يشبه بانتظار مخاض الولادة على باب مشفىً حكومي في بلد نائي بدائي😁)

انتظار الدفع

انتظار وانتظار…

انتظار…

انتظار…

انتظار…

هي عملية لا تنتهي لطالما الانسان حي يرزق وفيه نفسه وتدب في روحه وجسده الحياة..

فيحيا طيلة حياته من انتظار الى انتظار، واخر الانتظار في هذا الوجود.. يعيش الانسان ينتظر الموت والرحيل…

ليبدأ له عالم اخر من الانتظار لا نعلم منه الا حقيقة واحدة… هو رحيله عن هذا الوجود جسديا ويبقى في ذاكرة احبته جيل بعد جيل بحقيقة تحيطها قواعد اجتماعية ثابته وهي:

– من عمل عملاً صالحاً… انتظرته جنة وسعها السموات والاراضين السبع

– ومن عمل عملاً سيئاً… انتظرته نار وسعها السموات والاراضين السبع

ولهذا..

فكلما تراكم العمل السيء… كانت الجحيم أكثر سعادة في الانتظار لاستقبالها الخاسر في الحياة وساءت انتظاراته اجمعين

وكلما تراكم العمل الصالح… كانت الجنان أسرع في الانتظار لاستقبالها زائرها الجديد الفائز في الدنيا فبلغ الانتظار العظيم

نعم، هذه هي حقيقة في حياة الانسان ولا يمكن نكرانها.. انها حقيقة الانتظار.

وما أصعب الانتظار حين يكون لمن تحب وتحترم وتنتظره ويكون المجيء متباطئ.. ولكن من ان جاء حتى يكون الفرح العظيم

والان.. في ذاتي هذا، ولحظاتي هذه، …

انني احيا الانتظار قولا وعملا.. وعلى موعد مع ثلاث محطات كل نجاح فيها.. سأبلغ فيه حلم لطالما سعيت اليه جاهدا وطول انتظار..

واحد انتظاراتي في نفس انسان أكنُّ له كل الاحترام مذ ان عرفته وهو جدير بالاحترام.. وعلى موعد معه.. فهل يطول الانتظار؟

هو سؤال.. لا يمكن لاي عقل ان يجيب عليه.. الا المُنتَظَر نفسه.. فهو من يجب المُنتظِر الانتظار فيتحقق المراد

ومهما تحدثنا في الانتظار فلا يمكن بلوغ مقاصده التامة ولكنه انه ابلغ ما فيه هو الصبر، والصبر هو ابلغ الانتظار على الاطلاق..

د. هاشم حسين

الموضوع: نظرة فلسفية لمفهوم الانتظار وامثله فيه..

كوتونو-بنين

07\07\2023

شاهد أيضاً

تأكيدا لتصريحات الروس مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الطائرة “إيل-76” أُسقطت بصاروخ “باتريوت”

أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الخميس، أن الطائرة “إيل-76” التي كانت تقل أسرى …

اترك تعليقاً