بسبب المواجهات الدامية.. الخرطوم من ملاذ للسودانيين إلى مدينة طاردة لسكانها

جرت العادة في أيام العيد أن يغادر سكان العاصمة السودانية الخرطوم لزيارة أسرهم الممتدة في ولايات البلاد، ثم يبدؤون بالعودة لها في آخر أيام العيد، لكن في هذا العام تمضي الأمور، بسبب المواجهات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، على غير العادة والمألوف.

في هذا العيد، يواصل آلاف المواطنين مغادرة الخرطوم إلى الولايات الأخرى، أو حتى السفر إلى خارج البلاد هربا من جحيم الحرب ومتاعبها الأمنية والإنسانية.

وقبل أيام من اندلاع الحرب، كانت السلطات في الولايات تشكو من زيادة حركة انتقال المواطنين من الولايات للعيش في العاصمة، ما رفع عدد سكانها إلى نحو 11 مليون وتسبب في الضغط على الخدمات.

لكن مع تفجر الأوضاع، أصبحت عملية النزوح من العاصمة ملاذا لكثير من سكانها، فقد حذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان “أوتشا” في أحدث تقرير من تزايد موجات النزوح من الخرطوم إلى ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض ونهر النيل والقضارف، بسبب القتال ونقص السلع الأساسية.

وتسبب اندلاع المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان الجاري، في صدمة لمواطني الخرطوم الدين لم يشهدوا أوضاعا مماثلة من قبل، فغالبية الأحداث التي شهدتها العاصمة المثلثة كانت محدودة وقصيرة الأجل بينما تدخل الحرب الحالية يومها العاشر من دون مؤشرات لتوقفها قريبا.

People carry water in Khartoum North
عدم توفر الخدمات زاد من معاناة السودانيين (رويترز)

الفرار من العاصمة

وتأثرت عدة أحياء في محليات ولاية الخرطوم بالاشتباكات المباشرة غير أن أكثرها تأثرا، كانت الأحياء في جنوب القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش ومطار الخرطوم، وفي منطقة سوبا في محيط القاعدة الرئيسية للدعم السريع.

كما تأثرت عدة مناطق في الخرطوم بحري، وكذلك الحال في أم درمان، حيث كانت الأحياء بجانب مبنى الإذاعة والتلفزيون الأكثر تأثرا بالقتال.

أما في المناطق الهادئة نسبيا والبعيدة عن مواقع الاشتباكات، فشكّل انقطاع خدمات الكهرباء والمياه وخروج عدد كبير من المستشفيات عن الخدمة معاناة مضاعفة للسكان، مما دفع مئات الآلاف في التفكير لمغادرة العاصمة.

https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.569.0_en.html#goog_1217171552

وِجهات آمنة

وقدر مسؤولون في مفوضية العون الإنساني عدد الذين غادروا الخرطوم إلى الولايات بأكثر من 700 ألف شخص حتى الآن، مشيرين إلى أن الولايات التي كانت وجهة مفضلة للفارين من العاصمة هي ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض في وسط البلاد، والشمالية ونهر النيل في شمالها، والقضارف وكسلا والبحر الأحمر شرقا.

وأوضحوا أن الطبقة الضعيفة والوسطى في المجتمع اتجهت إلى مناطق التي توجد بها عوائلهم الممتدة لتوفير تكاليف إيجار المساكن، مشيرين إلى أن أسباب النزوح لم تتوقف على الأوضاع الأمنية فحسب، بل زاد تدهور الخدمات ونفاد السلع التموينية وغلاؤها من حدة الهجرة من مناطق العاصمة.

وذكر محمد السماني -وهو صاحب مكتب للترحيلات في ميناء الخرطوم البري- أن ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة كانت مفضلة لقطاع كبير لقربها من الخرطوم، ولتوفر السكن والخدمات فيها.

كما اتجه قطاع من السكان صوب مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل المتاخمة للخرطوم شمالاً، التي يمكن منها الانتقال إلى مصر برا أو إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرقا، حيث المطار الدولي الذي تنطلق منه الرحلات إلى دول عربية وأفريقية، حسب حديث السماني مع الجزيرة نت.

https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.569.0_en.html#goog_40342411

إلى دول الجوار

وفي المقابل، كانت مصر وجهة المقتدرين ماليا من سكان الخرطوم المضطرين لمغادرتها، أو من لديهم عوائل هناك، حيث يقدر عدد السودانيين في مصر بنحو 4 ملايين بحسب منظمة الهجرة الدولية.

وتسبب إغلاق أجواء البلاد وتوقف العمل بمطار الخرطوم بنشاط زائد للسفر البري بواسطة الحافلات والسيارات الخاصة، واستأجرت بعض الأسر الكبيرة والأصدقاء والجيران في بعض المناطق حافلات لنقلهم إلى هناك، مما تسبب بزيادة كبيرة لأسعار النقل البري.

وذكرت مصادر في وزارة الداخلية للجزيرة نت أنه بسبب توقف خدمات الشرطة في الخرطوم فإن الوزارة فوّضت شرطة معبر أرقين بإكمال إجراءات السفر في المعبر تسهيلاً لحركة المواطنين، وقدر عدد من غادروا خلال الأيام الماضية إلى مصر بحوالي 10 آلاف مواطن، مع توقعات بارتفاع الأعداد خلال الأيام المقبلة.

كما توجهت أعداد محدودة برا إلى إثيوبيا عبر معبر القلابات بولاية القضارف في شرق السودان.

أما في مناطق أخرى في البلاد، فقد أفادت تقارير بنزوح نحو 8 آلاف مواطن من ولاية شمال كردفان بغرب البلاد، كما تم الإبلاغ عن حالات نزوح في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

ووصل ما يتراوح بين 10آلاف إلى 20 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد المجاورة، معظمهم من النساء والأطفال الذين “يحتمون حاليا في العراء”، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

تأكيدا لتصريحات الروس مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الطائرة “إيل-76” أُسقطت بصاروخ “باتريوت”

أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الخميس، أن الطائرة “إيل-76” التي كانت تقل أسرى …

اترك تعليقاً