تحت عنوان: حوار من طرف واحد

كان يقف على رأس السنديانة نسر عظيم يحدق يمينا وشمالا يراقب الارض عن كثب علّه يجد فريسة ينقض عليها وبينما هو الحال والوضع كله ترقب بترقب وقف على بُعد شجيرة عصفور صغير يعرف باسم (عصفور الشوك) واخذ ينظر الى النسر نظرات فيها من التحدي والاحتقار وكأنه نداً له.

فنظر اليه النسر ورغم تقديره الغريزي لحاله الا انه تجاهله ، فليست النسور تهتم للعصافير فلهذه شأن ولتلك شؤون..

الا ان العصفور استمر بالتحديق والاستفزاز والاستهزاء بالنسر.. وعاجله بسؤال

العصفور الصغير: ايها النسر ، لماذا تتجاهل وجودي رغم كل هذا الضجيج الذي احدثه؟

النسر: يحدق بصمت..

العصفور الصغير: لماذا لا ترد عليّ، وما هذا التعالي؟

النسر: ينظر بصمت؟

العصفور الصغير: اسمع ايها النسر المتعجرف سوف اتحداك في معركة امام جميع الطيور والمخلوقات في الغاب والسهل والجبل !!

النسر: ينظر الى العصفور ويحدق به بصمت مع تلوٍ يمنة ويسرة برقبته

العصفور الصغير: يا لك من نسر متعجرف جبان .. اخاطبك ولا ترد عليّ ، ما هذا الاستحقار؟

النسر: ينظر للاعلى ثم ينظر يمينا وشمالا ثم ينظر الى العصفور وهو على صمته…

العصفور الصغير: اسمع ايها النسر لا تريد ان ترد علي صحيح؟!

ولكن اتحداك ان تقبل مبارزتي … وانا العصفور الخطير افتك بدود الشوك الفتك المبين…

النسر: يتبسم صامتا…

العصفور: حسنا حسنا، هذا التعالي افهمه جدا من نسر بحجمك امام عصفور بحجمي ولكن عليك ان تقبل التحدي ايها الجبان الرعديد…

النسر: ينظف ريش جناحيه وكأنه لم يسمع شيئاً ويستمر بتنظيف جناحيه…

العصفور الصغير: لماذا لا ترد ، هل تخاف مني ايها النسر الكهل…

النسر: يستمر بتنظيف ريشه … وكأنه لم ير ولم يسمع شيء.

العصفور: استعد غدا صباحا سنتواجه هناك فوق التل وعليك ان تخبر كل الطيور والنسور بمعركتنا المتوقعة…

النسر: تبسم ونظر الى العصفور الصغير ثم اخذ نفساً عميقاً فنفخ صدره ونفض ريشه نفضة كأنه مسد عضلاته تمسيدا بعد تنظيف الريش

العصفور الصغير: كفاك عرض عضلات ايها النسر الأحمق المتكبر وتعال للنزال والتحدي غدا صباحا…

النسر : مبتسما وبصمت ولم يكترث لكل ثرثرات عصفور الشوك… ثم،

تأهب على قوائمه وفرد جناحيه واستعد ..

ثم خفق بجناحيه خفقا هز كل الشجيرات المحيطة به .. وزعق زعقة عظيمة … واقلع كأنه ينقض على فريسة وهمية وطار نحو الفضاء الواسع وهو يزعق زعقاً يملأ الفضاء..

وكانت سلحفاة تمر صدفة في المكان وكانت تسمع الحوار من اوله…

فتقدمت نحو العصفور الصغير .. فوجدته مقلوباً على ظهر، قائمتاه للاعلى، وقلبه يخفق خفقاناً مريعا يكاد ينقطع نفسه من شدة الخوف، وسلحه بائن تحته…

وقالت له: ايها العصفور الاحمق .. منذ متى وعصفور الشوك يتحدى النسور؟؟

انظر ماذا جرى لك… لمجرد انه رف بجناحيه!!… كدت ان تموت فزعا ايها الأخرع الصغير…

فقال العصفور الصغير للسلحفاة: هل اصبح بعيدا؟؟

فردت السلحفاة: ايها الغبي هو كان هنا ولم يشعر بوجودك … فهل تراه يهتم لامرك من فضائه الواسع…

قم واكمل بحثك عن دودة تسند فيها عظمك الهش بعد الصدمة المريعة التي تعرضت لها..

فوقف العصفور الصغير وهو ينظر يمينا وشمال ويتنقز تنقيز … وهو يردد: الحمدالله انه رفض المبارزة…

فنظرت اليه السلحفاة وفتقت ضحكا وهي تقول: اعذرني لقد هويت من كثر الضحك ايها العصفور الابله… ما زلت على غبائك وغيك ايها المتنمر الصغير

واكملت طريقها تبحث عن قوت يومها والعصفور الصغير تنفس الصعداء من معركة وهمية صنعها لنفسه وكاد ان يموت من خفق جناحي النسر..

هي كذلك الحياة ، حين ينبرى للصراع عصافير الشوك وتظن نفسها انها نِد النسور…

هاشم حسين

كوتونو-بنين

من كتاب: سحيجة وسمنة فصل عصافير الشوك والنسور لابن المفقع

التوجيه: انعدام التكافؤ

الغاية: عبرة

الرواية: توصيف حال

الزمان: الان مع ترقب لمجريات الاحداث

20/06/2021

شاهد أيضاً

تأكيدا لتصريحات الروس مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الطائرة “إيل-76” أُسقطت بصاروخ “باتريوت”

أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الخميس، أن الطائرة “إيل-76” التي كانت تقل أسرى …

اترك تعليقاً