الثلاثاء , 16 أبريل 2024

التقويم اليولياني والغريغوري

للعلم، على مبدأ سلسلة مشابهة في كيفية تزوير التاريخ:

تحية معرفية من منطق “العقل الشرع الاعلى في الانسان”

اليوم الاحد الاول من يناير -جانفي-ينيوري (جانيوري) للعام 2023 ووفق التقويم الميلادي الغريغوري-الجولياني” ليولياني”) هو اول ايام السنة الميلادية الدينية-العلمانية بشقيها الديني-الكنسي الجولياني والغريغوري

واللذان يفرق بينهما 13يوم.. وهذا الفارق الذي اتى من مسألة كيفية احتساب السنة، وليس كما يكذبون في الامر بانه اختلاف عن متى او عن تاريخ ولادة المسيح كما يخدعون المؤمنين البسطاء..

انما هي عملية حسابية رياضية محضة اختلافا فيها بالجانب الكنسي الداخلي بالحساب، ففرقت السنة بينهما وخصوصا بسبب ايام بعض الشهور من ناحية وشهر شباط من ناحية، وفارق ساعات اليوم على مدار السنة. ومع مرور الزمن استقر الخلاف على ثلاث عشر يوم الى ان صدر قرارا بابوياً يثبّت التاريخ، واكتفيا بهذا الفارق الزمني الحالي بما يعرف (التقويم الكنسي الشرقي اليولياني والتقويم الكنسي الغربي الغريغوري) ليكون عمليا هناك تقويمان دينيان:

  1. التقويم الديني: الكنسي
  2. التقويم الديني: العلماني

في التقويم الأول، تلتزم الكنائس بأعيادها ومناسباتها وفقا لتقاليدها القديمة والذي ابتدأ سنة 45 قبل الميلاد مع اليولياني والمصادف سنة 709 من تاريخ تأسيس روما، والتي استمرت لتعود الخلافات عمليا الى سنة 532 بعد الميلاد ليبدأ الغريغوري، والذي اعتبرت بشقيها نقطة الانطلاق هي تاريخ تأسيس روما الذي يصادف سنة 753 قبل الميلاد …، وبقيا على هذا الحال قروناً طويلةً حتى تاريخ اليوم.

وهنا، وللتاريخ، البابا غريغوريوس الثالث عشر هو من أصدر القرار بتثبيت هذا التقويم بقرار بابوي منهيا الجدل للعلمانيين، وأبقى الخلاف بين الروحيين (الكهنة والكنائس ما زالوا يحتفلون بالتقويمين معاً بخلاف قدره 13 يوم). وهنا الكنيسة كانت قد اعتمدت على انتشار هذا التقويم لاحقا كتقويم رسمي بُعيد انتصار المسلمين-المحمديين ودخولهم سورية، والتي اعتمد فيها ابن الخطاب التقويم الغريغوري كتقويم مدني للدولة السياسية بكل رعاياها تاركا التقويم الهجري للتدوين والاحتفالات والامور الدينية المحمدية الاسلامية الصرفة من أعياد وحج وشهر رمضان.

والتقويم الثاني، اي الغريغوري ايضا أصبح التقويم السياسي للدولة العلمانية-الدينية في أوروبا، والتي طبقته معظم الدول حتى بداية القرن العشرين وعلى مراحل متباعدة، وتعتبر اليونان صاحبة أصل الخلاف اخر دولة تلتزم به وتحديدا سنة 1923، حيث يمكن القول بان القرن العشرين شهد اعتماد التقويم الغريغوري تقويما رسميا في كافة الدول من الناحية المدنية والعلاقات فيما بينهما وابقت على تقويماتها الخاصة ضمناً.

طبعا، لهذا التقويم الهجين قصة طويلة يصعب شرحها الان لما فيها من خربطات وتخروصات واكاذيب وتزوير لتاريخ بلادنا، وعن اصل التقويم وكيفيته، وكيفية احتسابه، والذي ربطه البعض ضمن عملية تزوير التاريخ بفترة نشوء روما سنة753 ق م، واعتماد ميلاد المسيح كبدء التدوين، والتسجيل لهذا التقويم الذي استمر الخلاف عليه الى بداية القرن العشرين، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى تحديداً ولأسباب سياسية وبعد ان فقدت الكنيسة سلطتها المباشرة على العلمانيين، وانحصرت فقط بالكهنوت والكنائس، خضعت معظم الدول الى التقويم الديني-العلماني الجديد، واعتمدته غالبية الدول مع بداية العقد الثاني من القرن العشرين اي حوالي سنة 1923 بشكل شامل بما فيها الدول الناشئة في سورية والعالم العربي، والتي طبقت التقويم الميلادي الغريغوري على انظمتها المدنية بالشكل العلمانية-الدينية بالمفهوم والسلطة وكيفية شكل السلطة فيها. وتركت التقويم الديني بشقيه المسيحي والمحمدي معمول به في الكنائس والمساجد وفي الاعياد والمناسبات الدينية كافة.

ليصبح التقويم الديني-العلماني، هو التقويم الشامل عالميا تحتفل به كل مناطق دول العالم مدنيا، ولكنها تحتفظ على تقويمها الخاص دينيا او تأريخيا حتى بين القبائل والشعوب البدائية، او في دول الحضارات القديمة كالصين وإيران وروسيا، والشعوب الامازيغية والفونغبي والزولو والانكا وسكان الامازون ما زالت هذه الشعوب تحتفل بتقويمها الخاص …، وتطلق عليه الاسماء القديمة كسنة النيروز في إيران، والستاراغودا في روسيا، وعيد ال”فا” في افريقيا الذي يصاف 15 كانون الثاني من كل عام، ودعونا نتوقف هنا لنبين ثلاث حقائق:

  1. كل ما تحتفلون به من اعياد هي كاذبة في مواقيتها، وليست حقيقية، وليست لها مرتكزات دينية صحيحة، وخصوصا مسألة ميلاد المسيح، فهي معينة بقرار سياسي-كنسي وليس حقيقي-ديني اي لا علاقة له بتاريخ ميلاد السيد المسيح الفعلي والذي يصادف عمليا في يوم اخر مختلف كليا وبعيد عن هذا اليوم بأشهر… (سنكتب لاحقا بتاريخ ميلاد المسيح الفعلي)
  2.  التقويم الحالي الذي يسمى التقويم الغريغوري هو تقويم ديني-علماني، وليس مدني كما يعتقد البعض. اقرته الكنيسة بناء على مقتضيات تاريخية لحسم الصراع مع التقويم اليولياني، واعتبرته تقويما رسيما نهائيا مستندة على تشريع الدولة الدينية المحمدية التي اعتمدت التقويم الغريغوري في عهد ابن الخطاب والذي ساد لقرون طويلة في عهد الدولة الصليبية، ولاحقا في عهد الامبراطورية الاسلامية والتي انتهت مع انتهاء السلطة العثمانية حين خسرت الحرب العالمية الأولى سنة 1914-1917 ليحسم الامر بشكله النهائي الحالي رسميا سنة 1923 حيث كانت اليونان اخر الدول التي اعتمدته رسميا.
  3. التأكيد ان ليس كل ما هو متداول يعني صحيح، واعتباره مدني لمجرد ان الغالبية اعتمدته بشكله النهائي بل قد يكون الاصل هو الصحيح وفق المنشأ، وهذا ما يؤكد على ان العلمانية هي نظاما كنسيا وليس مدنيا اجتماعيا كم يظن البعض مخطئاً.

وكل عام وأنتم بألف خير،

وأنتم تمضون يومكم الاول من العام العلماني -المسيحي الغريغوري 2023 بخير وسلام، والذين احتفلوا بعيد ميلادهم ب 25\12، لان اليوليانيين لم يحتفلوا بعد بعامهم الميلادي الجديد والذي يصادف 6/1 …

وهذا الخلاف الديني المسيحي ينطبق على اخوانهم ايضا المحمديين الذين يختلفون على كل اعيادهم ومناسباتهم وميلاد القمر…  فما حال هؤلاء بأحسن من اؤلائك.

ملاحظة مهمة: المسيحية في الانجيل لم تعر اهمية ليوم ميلاد المسيح كيوم زمني بالضبط بل هي تخضع له روحانيا بقرار كنسي اعتبره في 25 من كانون الأول، واخرين يحتفلون به بالسادس من كانون الثاني بسبب الفرق الزمني بينهما، أي ما بين التقويم اليولياني الذي اقره يوليوس قيصر سنة 45 قبل الميلاد والتقويم الغريغوري الذي اقره البابا غريغوريوس الثالث عشر سنة 534 بعد الميلاد.

والتحية والسلام واعياد المحبة والسلام رغم الخربطات بالتقويم الذي حاول الغاء تاريخ سورية وتقويمها التاريخي وشهورها التاريخية.. ولهذا بحث اخر والسلام

د. هاشم حسين

باحث في علم الاجتماع

1\1\2023

شاهد أيضاً

تأكيدا لتصريحات الروس مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الطائرة “إيل-76” أُسقطت بصاروخ “باتريوت”

أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الخميس، أن الطائرة “إيل-76” التي كانت تقل أسرى …

اترك تعليقاً