ناقش مجلس النواب الاربعاء مشروع الموازنة 2024 في جلسة شهدت سجالًا إثر محاولة بعض النواب خرق “النظام العام” وتحويل جلسة إقرار الموازنة الى جلسة مداخلات.
ومساء رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة إلى الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر غد الخميس.
وتخلل الجلسة كلماتٌ لعددٍ من رؤساءِ اللجانِ النيابية والنوابِ ومداخلاتٌ تناولت مشروعَ الموازنةِ والتعديلاتِ التي طرات عليها في لجنةِ المال والموازنة . ولم يغب موضوعُ انتخابِ رئيسِ الجمهورية عن الجلسة كما كانت للعدوان الاسرائيلي على غزة وجنوب لبنان حصةٌ من المواقفِ لاسيما كلمةِ النائب حسن فضل الله في هذا الاطار.
كنعان
وفي بداية الجلسة، أشار رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان إلى أن اللجنة لحظت غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها، وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية”، مضيفًا أن “مشروع الموازنة يتميز بالعشوائية في استحداث الضرائب والرسوم وبالعشوائية في بعض الاعتمادات”.
ولفت إلى أن اللجنة ألغت مواد متعلّقة بتعديلات ضريبية واستحداث ضرائب ورسوم جديدة لمخالفتها الدستور”، معتبرًا أن “هدف الحكومة تأمين إيرادات إضافية للخزينة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقدرة الاقتصاد على التمويل وقدرة المواطنين على التحمل”.
ورأى كنعان أن “الحكومة تجهل ما حصّلته من إيرادات تفصيلية خلال عامي 2022 و2023، وتجهل ما حققته دولرة بعض الرسوم خلال العام 2022 لا سيما رسوم المطارات والمرفأ، وتجهل ما يمكن أن يوفره من إيرادات كل تعديل أجرته بموجب مواد مشروع الموازنة”.
وذكر أن “غياب الرؤية يتلازم مع غياب وحدة المعايير في التعديلات المقترحة على الرسوم القائمة، فبعض الرسوم رفعت قيمتها 10 أضعاف كرسوم السير، ورفعت قيمة سواها 40 ضعفًا كبعض رسوم الطابع المالي، وجرى رفع البعض الآخر 180 مرة كالرسوم على المواد “الكحولية” المنتجة محليًا”.
كما أكد كنعان أنه “خلافًا لما قاله بعض الإعلام، فلجنة المال لم تلغ المادة 58 من مشروع الموازنة التي تتعلق بكيفية تحصيل ضريبة 10% من إيرادات الأسهم والسندات والودائع الخاصة باللبنانيين في الخارج، بل باتت المادة 42 من المشروع المعدّل من اللجنة”، مشيرًا إلى أننا “نفضنا الموازنة كما أتت من الحكومة وقمنا بإصلاحات جوهرية على صعيد المالية العامة”.
وبحسب كنعان، “شَطبت اللجنة المادة العاشرة التي كانت تجيز تغطية فوائد القروض الإنمائية، بعدما تبين مدى الزبائنية التي اكتنفت منح هذه القروض، وتفرد حاكم مصرف لبنان بتقريرها…، وقال: ” “وما أدرانا ما القروض المدعومة ومن استفاد منها”.
وأضاف أن “لجنة المال خصصت اعتماد بقيمة 10 آلاف مليار ليرة للأدوية السرطانية والمزمنة، واعتماد بقيمة ألف مليار ليرة للانتخابات البلدية والاختيارية، وعدّلت الاعتمادات الخاصة ببعض الإدارات حيث تبينت الحاجة إلى ذلك، لا سيما ما خص نفقات التغذية والمحروقات السائلة لدى الأجهزة العسكرية والأمنية وسواها”.
وقال إن “الواردات بحسب كتاب رسمي من وزارة المال ارتفعت من 277 الف مليار الى 320 الف مليار أي بفارق أكثر من 40 ألف مليار”، مشيرًا إلى أن “المعلومات تقول إن سلفات الخزينة 80 ألف مليار ليرة لا ٣١ ألف مليار ليرة كما وردنا من الحكومة، وللحد من المخالفات ضمّنت لجنة المال مشروع الموازنة نصًا يحظر إعطاء سلفات خزينة وتحميل المخالفين لهذه الأحكام تسديد السلفات بأموالهم الخاصة وإحالتهم على القضاء المختص”.
وتابع كنعان “كان يفترض بالقيمين على إدارة مصرف لبنان أن يرفضوا فتح حسابات بطريقة مخالفة لأحكام القانون، إلا أنهم لم يفعلوا فأصبحوا شركاء في المخالفة وقد أدى هذا الوضع إلى مخالفة مبدَأي وحدة الصندوق ووحدة المحاسبة فتعددت الحسابات”.
وختم كنعان قائلًا إن “مشروع قانون الموازنة ورد بلا الحسابات المالية، ما يشكل مخالفة دستورية تُسأل الحكومة عنها، فدولة بلا حسابات هي دولة بلا ذمة، ودولة بلا ذمة هي دولة بلا شرف… فإلى متى ستستمر الحكومات المتعاقبة بالعمل على وسم دولتنا بهذه الصفة؟؟”.
السيد
بدوره، اشار النائب جميل السيد، في كلمة له خلال جلسة مناقشة الموازنة، الى “اننا في حالة سوريالية واستثنائية وسحب من يدنا سيف محاسبة الحكومة المستقيلة في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية”.
واعتبر السيد ان “مسؤولية الفراغ الرئاسي تقع على مجلس النواب الذي تعطّل فيه انتخاب الرئيس في ظل انقسامات وتباينات سياسية ظاهرها داخلي وباطنها خارجي”. وأضاف انه “لا يجوز شل الحكومة ومجلس النواب كوسيلة ضغط لانتخاب الرئيس، فمن يدفع الثمن هم الدولة والناس”.
بو صعب
من جانبه، اشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، خلال جلسة مناقشة الموازنة الى انه “من السهل الحديث انها موازنة الكارثة ونقول لا احد يريد السير بها، ولكت نريد شكر اعضاء لجنة المال ورئبسها على الجهد الذي بذلوه”.
ولفت الى انه “لم اعلم من نخدع اذا قلنا ان لدينا صفر عجز” او اذا هي رسالة فلمن؟، معتبرا انه “من الصعب الخروج من الشعبوية والدخول على مصلحة المواطنين فلو لم نناقش هذه الموازنة لكنا عدنا الى موازنة 2022”.
واعتبر بو صعب أن “هذه الموازنة لا تلبي مطالب الاستشفاء ولا التربية ولا المؤسسات ولا القوى الأمنية ولا العسكر”.
فضل الله
عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله قال:”بسم الله أبدأ الكلام، وأوَّله يا دولة الرئيس.. عن الذين قتلوا في سبيله: دفاعًا عن الوطن، والشعب، والمقدسات، من عباس محمد رعد نجل رئيس كتلتنا النيابية إلى كلِّ نقطة دمٍ من طفلٍ أو امرأةٍ أواعلاميٍّ أو طبيبٍ أو مسعفٍ أو مقاومٍ أو جنديٍّ في الجيش اللبناني هنا على أرض الجنوب.. أو هناك في غزة والضفة، وعلى امتداد مساحة الشراكة مع الدم الفلسطيني المظلوم، من أكناف بيت المقدس إلى أكناف النجف الأشرف والشام والبحر الأحمر”.
وتابع:”نبدأ من هؤلاء.. من دماء شهدائنا من المقاومين والمدنيين، لأنَّ من حقهم علينا أن ننحني اجلالًا وتكريمًا لعظيم عطاءاتهم وقدسية تضحياتهم، ومن حقِّ عوائلهم أن نستحضر عظيم صبرهم وتحمُّلهم ألم الفراق، ونحن من نحمل أمانةَ دمِهم وصوتِهم في هذا المجلس النيابي. نرفع لهم ولعوائلهم كلَّ الحب والافتخار والمواساة”.
واضاف:”هؤلاء الشهداء هم الذين حملوا عبء تحرير الأرض وحمايتها، واليوم يدفعون بدمهم عن بلدنا الشرور، والمخاطر، والأطماع الصهيونية المتربصة بأرضنا ومياهنا وخيراتنا”.
وختم:”هذا الخطر ليس جديدًا فعمره من عمر زرع هذا الكيان في فلسطين، وقد تكون العودة إلى بعض وقائع التاريخ ضرورية في سياق قراءة طبيعة الصراع، لأنَّ هناك من يبني على وقائع الماضي.. مواقف في الحاضر ويريد أن يؤسِّس للمستقبل”.
وتحدث في الجلسة المسائية، رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل حيث قال “لا خلاف على مبدأ إقرار الموازنة بالصيغة التي طرحتها لجنة المال والموازنة بل على شرعية الجهة التي أقرتها وهناك فوضى دستورية تجعل حكومة تصريف الأعمال تستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية”، وأكد أن “موقفنا واضح بأن التشريع للضرورة على خلاف كتل زايدت علينا وانتقلت من صفر بند إلى المشاركة بجلسة من 119 بندا”، واعتبر “عدم وجود رئيس للجمهورية هو تغيير غير معلن للنظام وهدم لإتفاق الطائف وضرب الشراكة الوطنية وتهديد للدولة اللبنانية”، وقال “لن نخضع لأي شيء ولن نغطي الفشل وسنتصدى لكل الممارسات التي تساهم في هدم الدولة ونطالب باحترام إتفاق الطائف حتى تطويره بالتوافق والتفاهم”.
بدوره، أكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ان “الموازنة لا يمكن ان تقر باقتراح قانون بل بمشروع قانون من الحكومة، ولا مانع لدينا من اعتماد التحسينات التي قامت بها لجنة المال على مشروع الموازنة”، ولفت الى ان “الحكومة أوقفت الانهيار منذ استلمت مهامها ومرحلة التعافي بدأت، ونتمنى أن تكبر بمساعدة النواب والاهم الوصول إلى الهدف”، وقال “نريد السلام والاستقرار الدائم في الجنوب وملتزمون تطبيق القرار 1701 ولكن على اسرائيل وقف انتهاكاتها”.
من جهته، أشار عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل ابو فاعور الى “ضرورة وضع خطة لمكافحة التهرب الضريبي”، واعتبر ان “رفع الضريبة على القيمة المضافة سينعكس على الاسعار”.
أما النائب نعمة افرام فقال “يجب أن يكون لدينا رؤية اقتصادية لخمس سنوات مقبلة، ونحن هنا اليوم لأن بين أيدينا لبنانيين أنفاسهم معدودة، هناك قنبلة موقوتة وهي النزوح السوري”، واضاف “يجب انتخاب رئيس للجمهورية، والموضوع أمانة لدى بري ويجب أن نذكره بالخير في هذا الموضوع”، واعتبر ان “الانهيار الحاصل يجب أن يكون فرصة للتغيير ووضع أعراف جديدة”، ولفت الى انه “سيصوت مع هذه الموازنة ويمكن أن نبني عليها لنبدأ من جديد ويجب أن تكون لدينا رؤية اقتصادية لخمس سنوات مقبلة”.
المصدر: موقع المنار