الحرب الاوكرانية تدخل اوروبا عصر الشرقنة

\

مقدمة:

لا نكون بعيدين عن الحقيقة وصدق القول إذا ما قلنا بان اوروبا قد دخلت المرحلة الثانية من الازمة الاخذة بالشد على عنقها الى حد الانفجار السياسي والاقتصادي-الاجتماعي والتي تنذر بكارثة عالمية بحالة وما يمكننا توصيفها ب: الشرقنة…

لعقود طويلة عاشت اوروبا حياة الرفاهية الكاذبة، مثلها مثل غني زاد ثروته على حين غرة فأخذ يعيش ظروفها كأنه يمتلك مال قارون، واخذ يوزع على الاخرين مفاهيم وانسانيات كاذبة تارة الرأفة بالحيوان وتارة حقوق المخلوقات الفضائية واحيانا حقوق الطحالب المائية بحقها في الحياة الكريمة، بينما يغضون الطرف عن القتل والذبح بشعوب العالم الثالث والدول الفقيرة، سيما تلك الدول التي تم نهب ثرواتها وكرامتها وتاريخها وحاضرها واصبحت متسولة على ابواب البنك الدولي تستعطي بعض اقتصاد مقابل التنازل عن كل ما تمتلك من مقدرات وثروات باطنية وغير باطنية حتى استباحوا سماءها وبحرها، وترابها يباع في المزاد العلني بواسطة شركات الاعمار والاستثمار السياحي والمالي..

الازمة الاقتصادية والعائلات الحاكمة

للوهلة الاولى يظن البعض مخطئا ان هناك دول واستقلال واحتفالات يتم التشييع لها عبر اعلام خُلق بكل عناية ليكون في خدمة اصحاب النفوذ والنقود عبر عائلات تحكمت في مصير البشرية منذ عقود من الزمن تتوارث صنعتها جيل بعد جيل عبر ما يعرف بسياسات النقد الدولي وهي الحاكم الفعلي لجميع دول العالم من خلال السيطرة على رؤوس الاموال والبنوك المربوطة بنظام موحد الاتجاه والحاكمية بما يعرف بالبنك الدولي والذي تتحكم فيها عدة عائلات على رأسها عائلة روتشيلد وتفرعاتها والتي هي بمثابة الحاكم الفعلي للحكومة العالمية او ما يعرف ب(الحكومة العميقة)، حكومة الظل، التي تقود هذا العالم عبر مريونات سياسية يتم توظيفها على هرمية البلدان الاخرى والتي عبرها تم تقسيم العالم الى ثلاث:

العالم الاول: الدول الحاكمة بأسباب المال والقوة وموارد الندرة

العالم الثاني: الدول الصناعية والوسيطة

العالم الثالث: الدول الاستهلاكية والفقيرة

وأمام هذا التقسيم للعالم كانت تقع بلدان اوروبا في التصنيف ما بين العالم الاول والثاني، واخضعت نفسها برمتها للحاكمية المالية الدولية بعد ان قدمت الطاعة كاملة على ان تعيش رفاهيتها التامة شريطة ان تؤيد سياسات العالم الاول الحاكم دون نقاش وتمرر سياسته العالمية وفقا لخططه واستراتيجياته.

ومع مرور الزمن، أصبح الاقتصاد الاوروبي مترنحاً مع ازدياد الضغط السكاني في بلدانه جراء الحروب التي خاضتها سلطة المال وتجار السلاح وشركات انتاجه، حيث اصبحت سيما فيها البلدان المصنفة فعليا عالم ثانٍ ولكنها تعيش رفاهية العالم الاول، وهي التي تعيش بعباءة العالم الاول الذي يسيطر على سياساتها الفعلية.

وأمام الضغط السكاني الهائل، بدأت اوروبا تتحلل تدريجيا مع مطلع هذه الالفية واخذ الضغط بالتنامي مع الحروب المتنقلة على ارضها في الدول المتخلفة والفقيرة ضمن الشرنقة الغنية والتي تهدد في الانفجار عند كل مفترق.. من حروب دول البلقان والبوسنك والهرسك وغيرها

روسيا والضربة الاستباقية

لما استشعرت حكومة الظل بان اوروبا بدأت تخسر مكانتها الفعلية في خريطة سياساتها الدولية، واخذت بعض بلدانها تزحف تدريجيا من قبضة الاوروبي الاول والاميركي الى قبضة الروسي الصاعد الى العالمية بسلاحه النوعي.. سلاح الموقف السوري وحربها الكونية… وهي وسط العالم، وشرطي الوجود الحضاري والانساني والجغرافي الاستراتيجي، قررت هذه الحكومة البغيضة ان تعيد ترتيب وضعها الداخلي في اوروبا من خلال وضع اليد المباشرة، وهنا كان الروسي على درجة من الوعي، دفعته الى الضربة الاستباقية في وسط اوروبا – في اوكرانيا.. ولهذا قررت حكومة الظل اقامة نظام جديد يبدأ من وسط اوروبا عبر وضع منظومة تسليح عالية بمواجهة الروس على ارض شاسعة غنية بثرواتها كبيرة بجغرافيتها قليلة بسكانها، فكان الخيار يقع على اوكرانيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق.. فوافقت سلطة كييف الغبية دخول لعبة أكبر منها.. وهذا ما اثار حفيظة الروس وأدركوا مبكرا خطورة الموقف، فبدلاً من انتظار الثعلب ان يدخل الكرم ويعبث فيه.. خرج الدب الروسي ودخل اوكرانيا يدمرها عن بكرة ابيها لتكون عبرة لكل دولة سوفياتية سابقة تفكر هذا التفكير.. فكان قرار الروس دخول حرب استباقية في وسط اوروبا تدفع بالأوروبيين الى الموت جوعاً وبرداً.. او دخولهم حرباً لا قبِل لهم فيها.. او التسليم بقوة الروس وشراكتهم في قيادة العالم..

اوروبا والغليان وبوادر الحرب

غباء الاوروبيين دفعهم الى التفكير بان الروس لن يخرجوا الى الحرب، ولكن حساباتهم جاءت خاطئة، ودخل الروس الحرب بعنف، واخذوا يطحنون وسط اوروبا دون رحمة، وهم يدركون بان هذه البلاد مقبلة على بردٍ قارسٍ.. فكان قد اختار الروس التوقيت السليم لإعلان حربهم..

ومع الهجوم الروسي الكاسح، ذُعر الاوروبيون ودخلوا في ازمة جَنوا بها على أنفسهم بغبائهم وتبعيتهم العمياء للأمريكيين وحكومة الظل والبنك الدولي والعائلات الحاكمة، وامام هذه الفوضى، لم يستطع احد انقاذهم من الازمة، حيث تسيطر حاليا حالة من الغليان الداخلي مع اقتراب فصل الشتاء وغياب المواد الاولية، والتي دفعت بالأوروبيين الى تجرع السم عينه الذي اسقوه لبلاد الشرق المتوسطي وبلدان افريفيا وباتت طرقاتهم فارغة وبيوتهم باردة وبطونهم خاوية وتراهم بالطوابير على محطات الوقود، ويعانون من فقدان السلع، وارتفاع الاسعار، وبدأوا يدخلون في ازمات اجتماعية مما ادى الى ارتفاع مستوى الجريمة، والفوضى العارمة وغياب ابسط الاحتياجات.

ومن ناحية ثانية مصانعهم تفلس وتنهار مع غياب موارد الطاقة، ومجتمعاتهم مهددة بكوارث مع ازمة مياه وازمة محروقات خانقة، الخ، الخ…

إذا، الحرب الاستباقية الروسية وضعت اوروبا في عنق زجاج خانقة بدأوا يعيشون فيها الشرقنة بعينها.. انه السم الذي صنعوه للأمم.. ها هم يتجرعونه.

نعم، اوروبا تشرب من نفس كأس المرارة الذي أسقته للشعوب الفقيرة والتي سرقت ثرواتها لقرون طويلة وعاشت على ظهرها برفاهية كاذبة انكشفت عند اول اختبار جدي…

سقوط اوروبا ومرحلة التحول

امام هذا الواقع المؤلم للأوروبيين بدأت الابحاث والدراسات بالواقع الاوروبي وهشاشته، كما بدأت اسئلة علمية وفعلية حقيقية تطفوا على الواجهة وكلها تتمحور حول مستقبل اوروبا والى اين اتجاهها حقا؟

والسؤال الجدي المطروح وبقوة:

هل سيتم اخراج اوروبا من العالم الاول الى العالم الثاني او الثالث بعد خسارتها في تصفيات الحرب الروسية-الاميركية على الارض الاوكرانية وبيعها كرامتها للبنك الدولي والافعى الروتشيلية؟

الواقع الميداني للحرب الروسية-الاوكرانية يؤكد بان اوروبا تزحف نحو الصراع الدولي في معركة خاسرة ستعيدها الى عصور الظلام وحينها ستكون اوروبا برمتها تعيش ما دون مستوى العالم الثالث.. لأنها ستعود الى عهد الكهوف العقلية… وحياة مدمرة في مجتمعات مفككة تعيش المشاعية الاولى.

نهاية مؤسفة

عاشت اوروبا رفاهية كاذبة لردح من الزمن، جعلت من حيواناتها ارفع شأنا من حياة بشر الامم الاخرى…

وتعاملت مع الشعوب بكل حقارة ودونية، وكانت تظن بانها ستذهب نحن المجرات والكواكب بعالم جديد فتعاملت مع الشعوب بدونية مطلقة على هذا الاساس..

عالم بلا حقوق، عالم بلا سيادة، عالم بلا قوة، يخضع لهم ويسيرونه كما يشاؤون..،

ولكن ضاع ظنهم وخاب فألهم ضياع الثعلب في ثلج كانون وخيبته، وبدلا من الذهاب الى الفضاء.. اذ بهم يدخلون عالم الكهوف.. وذهبت كل شعاراتهم سدى، ونداءات حماية البيئة وقواعد الالفية والاكاذيب كلها ادراج الرياح.. لمجرد ان الدب الروسي قد داس في وسطهم غاضباً.. فسقطوا سقوطا مريعا وكانت بكل صراحة نهاية شعاراته نهاية مؤسفة تنذر بنهاية اجتماعية أكثر اسفا.

اوروبا تعيش النزع الاخير بحرب لا ناقة لها فيها ولا جمل ان أردنا التوصيف حقا، لأنها باعت نفسها لشياطين البنك الدولي، وهي مجرد اداة يتم استخدامها فيها وشعوبها من اجل بقاء حكومة الظل على رأس السلطة العالمية فهل يستيقظ الاوروبيون قبل فوات الاوان؟

نحن على ابواب كوانين… نحن على ابواب البرد القارس..

فلن تنفع الدانيمارك والسويد والدول الاسكندنافية كلها شعاراتها البراقة حول حقوق الانسان والحفاظ على البيئة امام برد قارس سيفترسهم احياء.. كما لن ينفع المانيا سياسات اللجوء والاستثمار فيها ولا فرنسا والتفوق الانغلوفوني ولا الشياكة الأنجلوسكسونية ورفاهتيها ولن تنفع روما افلام البورنو وصناعتها فلهذا هم سوف يخرجون للحفر والنقر والبحث عن الغاز والبترول ولو في قلوبهم واجسادهم أنفسهم… وليس في ارضهم فحسب.. فغول البرد يطرق ابوابهم ونوافذهم وهم يحتسون اخر مخزونهم من الجعة وافكارهم تغتصب بعضها تحت اقدام حقوق انسان عضه كلب كان ذات يوم يعيش رفاهية تخطت رفاهية البشر وفجأة لم يعد لديه كورن فليكس… فعوى.. وخرج.. وعض صاحبه اول من عض.

اننا امام مرحلة تَكوِين جديد للعالم.

بلادنا والدرس الاوروبي

نعم العالم الجديد يتكوّن، والمؤسف ان بلادنا تعيش في عصر ما قبل التاريخ في زمن يتشكل فيه العالم على صفيح الغاز والبترول..

فاذا انفجر.. هذه المرة، سنندثر الى الابد..

فهل ستدرك شعوبنا وبلداننا خطورة المرحلة وستتعلم من الدرس الاوروبي كيف تعيد تشكيل نفسها بعد حرب دامية بدأت تلوح في الافق راياتها؟!

لنترك للزمن، هو وحده الكفيل بالإجابة ان كنا بحق ابناء الحضارة، وصُنّاع التاريخ وأبناءُ الحياة بحق.

بعد ان كنا التاريخ عينه أصبحنا نعيش في بلاد يحكمها متسولون يتسولون حقوقهم من اذن مغتصب لأرضهم وتاريخهم ووجودهم.

رسالة وخاتمة

التحولات الكبرى لا تصنعها التمنيات والتفاخر بالتاريخ انما تصنعها الافعال والاشتراك الفاعل في الحياة الانسانية وصناعة الحضارة.

هل نكون على قدر المسؤولية في صيانة الواقع الانساني ومستقبل البشرية؟

معا لننتظر المستقبل القريب علّنَا نسلك طريقنا نحو اقامة الحياة ونستعيدها من قلب الاستعمار الاوروبي الذي اغتصب ارضنا وحقنا وتاريخنا ونسبه الى نفسه ليعيش هو وحيواناته برفاهيةٍ وحقوقٍ على حساب هواء ارضنا ومائنا وتاريخنا وانساننا.

واعلموا علم اليقين بان “القوة هي القول الفصل” في تقرير المصير واقامة الحياة…

فأين أنتم من مكامن القوة؟!

وحينها نقول: تحية واما بعد،

ولكم أجمل التحايا سيما أنتم يا ابناء الحياة

بالعلم والمعرفة نسمو وننتصر

الدكتور هاشم حسين

باحث في علم الاجتماع

كوتونو-بنين

14\10\2022

شاهد أيضاً

تأكيدا لتصريحات الروس مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الطائرة “إيل-76” أُسقطت بصاروخ “باتريوت”

أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم الخميس، أن الطائرة “إيل-76” التي كانت تقل أسرى …