الجمعة , 19 أبريل 2024

الى الدكتورة صفية سعادة : مفهوم الامة ما بين تعريف العدالة وحقيقة الاغتيال السياسي لسعادة

الدكتورة صفية سعادة

في موضع الرد على ملف صحيفة الاخبار بمناسبة سبعين عام على الاغتيال السياسي لأنطون سعادة في موضوع: شرح وتبيان لمكامن الخطأ في مقالات الملف

هذا الرد هو على خمسة اجزاء لما يحتوي مقال الدكتورة صفية سعادة من مغالطات وخلط –  الجزء الثاني وهو تحت عنوان : مفهوم الامة ما بين تعريف العدالة وحقيقة الاغتيال السياسي لسعادة

الى الدكتورة صفية انطون سعادة المحترمة

تحية سورية قومية اجتماعية

اولاً: في الامة وحقيقتها 

ان الفكرة “السورية” وحقيقتها “القومية” ونظرتها “الاجتماعية” تخطت السوراقية الهجينة  في اذهان السوريين عموما والقوميين الاجتماعيين خصوصا منذ أن زرع فيهم زعيم الامة السورية روح الحياة القومية  وروح الحياة  الاجتماعية للامة,  موحدي النفسية وموحدي الحياة وموحدي المصير في تعريف ثابت واعلان تام في عقيدة ومبادئ اعلنها كحركة اجتماعية ثم اعلنها دستوريةً واصبحت تشكل عقيدتهم وعقيدة حزبهم مذ ان اعلنه للحياة ومنذ ان اعلن حق التعاقد على قضية تساوي وجودنا هي قصية الامة السورية والوطن السوري لا السوراقية المقيتة التي ما زالت عالقة في ذهنك بشكل يدعو للشك والريبة!!

فلماذا هذا الاصرار على استخدام تعبير اولي كان قد اسُتخدم  بشكل عرضي وقبل ان تكتمل دراسات صاحبة الدعوة كما اعلن هو نفسه؟

وهنا نطرح سؤال  استدلالي للتفكير والبحث  لا للإجابة عليه بشكل عاطفي :

 فهل يجب علينا العودة الى الوراء لسلوك سبل التقدم؟؟

ثانيا: في التغليف والاعتراف.

حضرة المواطنة الدكتورة  المحترمة

مما لا شك فيه لا أحد يمكنه تجريدك من صلة الرحمية بوالدك انطون خليل سعادة فهو حق طبيعي ووالدك البيولوجي واباك الراعي لطفولتك  وهذا ابدا لا يمكن لأي احد نكرانه اطلاقا.

ولكننا ما يمكننا ان نقف عنده وبصلابة هو كيفية تعاطيك مع فكره وعقيدته بصورة مشوهة وبأسلوب يبعث على الشك والريبة وهذا جلي بكثير من مقابلاتك وكتاباتك وليست حصرا في هذا المقال الذي زاد الطين بلة وهو يحتفل بسبعينية استشهاد سعادة فجاء مقالك صادما بكل المقاييس الا للعاطفيين فقد يمر مرور الكرام كما يمر غيره  .

فحن نحتفل بسبعين عام على اغتيال سعادة …

وسبعين عام على استشهاده في سبيل عقيدته ومبادئه وقضية الامة السورية والوطن السوري …

فلم اكن اتوقع شخصياً ولا لأي لحظة ابتداء مقال يصدر عن سوري قومي اجتماعي لاعن ابنة انطون سعادة فحسب  بهذا الشكل المؤلم بهذه الجملة  التي اثارت في نفسي كل اشمئزاز وكم اتمنى ان تصل كلماتي اليك لعلك تراجعين نفسك مراجعة نقدية حقيقية تقدمين فيها الاعتذار من والدك اولا ومن الامة ثانيا ومن القوميين الاجتماعيين  الذين تعاقدوا مع والدك منذ اجيال الى اجيال لن تنتهي . هذه الجملة التي فيها كل مقت  وعق للشهيد في قولك الابتدائي هذا: (في مناسبة مرور سبعين عاماً على إعدام أنطون سعادة من قِبل السلطات اللبنانية في الثامن من تموز 1949.) ..

هل فعلا انت تؤمنين بإعدام سعادة؟

هل فعل السلطات اللبنانية اعدمت سعادة  لقيامه بفعل استوجب الاعدام؟

هل للسلطات اللبنانية دور حقيقي في التخطيط والتنفيذ لهذا (الاعدام)  الذي انهى مفاعليه سعادة نفسه اثناء محاكمتهم الصورية له بقوله لهم مباشرة : “محاكمتي اغتيال سياسي” واضعهم جميعهم في قفص الاتهام والخيانة مباشرة بقوله: “مؤامرة دبرت ضدي وضد حزبي” وقوله لهم:  ” اعتدي علينا فدافعنا عن انفسنا”, وقوله : ” كم كنت اتمنى ان  اقتل برصاصة على الطريق على ان لا تسجل وصمت العار هذه على جبين العدالة في لبنان” .. فهو اعدمهم جميعهم لخيانتهم  اخلاقيا مدى الحياة والاجيال فهم باتوا اراذل مستحقرين وهو بات راية العدالة والصراع الانساني ومصدر الهام الاجيال كلها .

فهل يكون  فعلهم هذا اعدام ام اغتيال؟

اكتفي بهذا

ثانيا: في تعريف الاعدام:

من الناحية الحقوقية الاعدام هو فعل قتل او انهاء حياة فرد  تنفذه السلطات المختصة كعقوبة كقصوى بحق المجرمين والخائنين  والمرتكبين الاعمال الجرمية التي تمس بالأخلاق العامة  او بالاعتداء على حياة الاخرين بالقتل و ومن ينطبق عليه نص المادة وروحها ..

فهل هذا ينطبق على سعادة لنتبنى هذا التعبير في أدبياتنا ام بات علينا ان نعترف بانه كان مجرما واعدم؟

قد كنت امر عابر على هذه الجملة لو لم تضيفين عليها تساؤلات تؤكد بان ما ذهبنا اليه يستوجب الرد فعليا والوقوف عند بعض الحقائق بشكل ملزم

فهنا تطرحين سؤال خطير من نوعه  ( يداهمني السؤال: هل كان ذلك عدلاً؟ وكيف نقوّم العدالة في ظرف كهذا؟)

كيف يمكنن ان نطرح سؤالا من هذا النوع في عملية اغتيال سياسي مدبرة ومشترك فيها اكثر من عشرة اجهزة استخبارات محلية وعالمية عداك عن اليهود والماسونية العالمية بكل اشكال تنظيماتهم المحلية والعالمية؟

فكيف يمكننا ان نقبل طرح سؤال عن : هل كان عدلا…

فهل يعني ان اعلان سعادة الحرب على الفساد  والتخلف  والتبعية للأجانب (العملاء) في بلادنا  يمكن محاكمته  على اساس عدل  في حال  تمت محاكمته بطريقة اخرى مثلا؟

صحيح سؤال الثاني يلغي الاول من الناحية الحقوقية .. ولكنه ليس في موضعه

صحيح كيف يمكننا ان نقّوم العدالة بظرف يطابق ظروف واسباب الثورة التي اعلنها سعادة  وليس في ظروف محاكمته   واغتياله فحسب ..

لان مسألة محاكمة سعادة وفقا للشرائع الدولية برمتها هو اغتيال سياسي لأنه اعتداء عليه بسبب افكاره ومواقفه السياسة والاجتماعية لا بسبب الاتهامات الباطلة التي دبرت وحيكت ضده زورا وبهتانا

ومن هنا يصبح السؤال عن مسألة العدالة هو سؤال تمييع حقائق وخروج عن السياق التاريخي لحقيقة الفعل الذي قام به سعادة ولحقيقة المؤامرة التي دبرت ضده وضد حزبه

ثالثا: في مفهوم العدالة

جاء في مقالتك بأن (العدالة مفهوم نسبي يرتبط بدرجة التقدم التي وصل إليها المجتمع، فالعدل في المجتمعات القبلية مغاير تماماً لمفهومه في الدول الحديثة.)

في توصيف العدالة بين القبلية والدولة الحديثة  صحيح هناك اختلاف ولكن ليس في المفهوم انما في اليات التطبيق

فالعدالة لها مفهوم واحد وفي حال نقص ميزان العدالة لناحية المفهوم لا تعد اسمها عدالة فتصبح شيء اخر , أي كان المستوى الثقافي او المعرفي للمجتمعات والدول فالعدالة هي شأن حقوقي بالدرجة الاولى مرتبطة بالحقوق والواجبات وبالقيم الاخلاقية لهذه الجماعة او تلك  فلهذا مفهوم العدالة هو واحد ولا يختلف عند أي جماعة مهما كان مستوى توحشها او مستوى تمدنها على الاطلاق.

أمّا ما  يختلف فهو كيفية واليات تطبيق العدالة فهي تختلف باختلاف النظم واشكالها وباختلاف الاساليب  والقراءات للمفاهيم وليس للمفهوم نفسه  وباختلاف المستوى الحضاري والتمدني لجماعات وكيفية نظرتها للحياة والوجود ومقدار فهمها لحاجاتها من الناحية الغرائزية  الجامدة او العقلية المتنورة.

فهنا خطأ علمي لا يجوز لدكتورة متخصصة الوقوع به بقولها بان (العدالة مغايرة) بين مجتمع ومجتمع او بين قبلية وحداثة  فالمغاير هو الفهم لمفهوم العدالة وليس مفهوم العدالة بحد ذاته وهنا نلتزم التزاما تاما بقاعدة انطون سعادة نفسها  العلمية المتفوقة  في مدراس علم الاجتماع كلها : “لكل كلمة مدلولها الخاص”

رابعا : في التوصيف
مما لا شك فيه ان البلاغة تلعب دورا في تقرير النصوص عموما وشرحها ولهذا تبقى المفاهيم هي اسيرة النصوص في حال عدم استخدام التعابير الصحيحة في مكانها مثالا على ذلك ما جاء في هذه الفقرة ( أمضى سعادة 44 حولاً من حياته محاولاً نقل أمته إلى مصاف الأمم الحية المبدعة والخلّاقة، تراءت له جامعة لكل صفات الحق والخير والجمال إن فُكت القيود الخارجية والداخلية عنها. أضحى تحريرها همّه الأوحد، فهو اعتبر أن «الحياة دون الحق والحرية عدم» وأن «الانتصار لا يكون إلا بالحرية، فالحرية صراع» )

 كلمة (محاولا نقل) هنا  تفقد سعادة حقيقة طرحه لناحية بان الحياة صراع ,  والتي اعتمدت  حضرتك عليها كإسناد في نفس الجملة. ولهذا وجب تصحيح هذه الكلمة الى (مصارعا لنقل) . فهو لم يحاول ان يعمل ..

فهو لم يحاول ان يعمل ..

بل هو عمل وجاهد وصارع وضحى واستشهد .

وهو نفسه يقول شارحا بان  الفرق بينه وبين الذين اشتغلوا في السياسة انهم هم اختاروا طريق السياسة والمساومة  والكلام “اما انا ” وهو يقول عن نفسه : “فاخترت طريق الصراع “

اذا التعابير التي تمّ استخدامها في بداية مقالتكم اخذتها الى خارج المفهوم الحقيقي لحقيقة ما جرى ما سعادة ولحقيقة الاغتيال السياسي له من قبل مجموعة من الانظمة والجماعات المحلية والدولية والتي تم تنفيذها بأيدي محلية تافهة – هي ادة فقط :اسمها السلطات اللبنانية . وهي مجرد حجر يتم تحريكه  وهي لم ترتكز على أي فعل حقوقي او عدلي بل هي مجرد مجرمة ارتكبت جرم تستحق العقاب عليه  كفاعل منفذ للجريمة ولا قيمة لها بالفعل عينه  لناحية التخطيط واصباغ صفة العدالة من عدمه عليها او التساؤل فيه لأنها هي نفسها اقدمت على فعل جرمي مشهود الزمان والمكان والجريمة,  لأنها لاحقا كانت هي نفسها العميلة المستمرة والمجرمة القائمة وما زالت ترتكب نفس نوعية الجرم  وبنفس المكان وبنفس الاليات ولنفس الحسابات مثال على ذلك (مسألة الامين حبيب الشرتوني)  وهذا ما سوف ابينه لاحقا في مكان اخر في مقالتكم موضوع هذا الكتاب.

اذا من هنا نجد بان مفهوم الامة وحقيقتها ومبدأ الصراع الذي اعلنه سعادة هو ارتكاز اساسي في عملية الاغتيال السياسي الذي تعرض  له سعادة على اساس مبدا اساسي هو مبدا “الحرية صراع وحق الصراع حق التقدم” والذي قال عنه بانه “يموت ويحيا من اجله”  وليس مسألة عدل حقوقي او جريمة جزائية او خيانة عظمى  تستوجب الاعدام ..

فلهذا التعبير : (اعدام سعادة) هو جريمة بحق سعادة وتاريخه ونضاله القومي الاجتماعي وعقيدته ومبادئه وامته التي ضحى بنفسه من اجلها.

واسلموا للحق والمعرفة

لتحي سورية وليحي سعادة

الرفيق هاشم حسين

كوتونو-بنين

27/07/2019

شاهد أيضاً

السيد الحوثي للشعب الفلسطيني: لستم وحدكم ونحن واثقون بالنصر

قال قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “ننصح الأمريكي …