الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم:ان الخلط بين القومية الاجتماعية والعَلمانية هي جريمة يرتكبها كل قاصر في فهم عقيدة انطون سعادة

الزوبعة: هي رمز حركة التجدد في الامة السورية وهي راية النهضة السورية القومية الاجتماعية

تحت عنوان: شرح وتبيان لمكامن الخطأ في مقالات ملف الاخبار

الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم (الجزء الخامس)

تحية قومية اجتماعية وبعد

اثنا عشر: في مناقشة اخر فقرتين من مقالتكم اود ان اوضح امر هام

ان الخلط بين القومية الاجتماعية والعَلمانية هي جريمة يرتكبها كل قاصر في فهم عقيدة انطون سعادة ورسالته ونظرته الجديدة للحياة والوجود اكان سوري قومي اجتماعي اما كان صديقا للقوميين الاجتماعيين ام عدوا لهم او باحثا من أي جهة كان   ومن هنا ابدأ:

في هذه الجملة (نجح الحزب في اعتناق وبث علمانيّة جذبت إليه جمهوراً متنوّع الطوائف. لم يتنوّع حزب لبناني في الطوائف (والجنسيّات) كما تنوّع هذا الحزب. ) تقولون بان الحزب السوري القومي الاجتماعي نجح في اعتناق وبث علمانية جذبت اليه الجمهور.. ويلفتني في هذه الجملة كلمتين : الاولى : (اعتناق) و الثانية (بث) علمانية … فما هي القومية الاجتماعية اذا؟

اذا كنا كقوميين اجتماعيين نعتنق العلمانية.. ونبثها في المجتمع لجذب الجمهور فما فائدة قوميتنا الاجتماعية اذا وما فائدة اعتناقها والايمان بها؟

وهنا بصراحة اود ان اشكرك اكثر مما انتقدك, لان بتعبيرك هذا قد فتحت بابا واسعا للنقاش لنا في مواجهة اصحاب العقول السطحية الذين يخلطون ما بين القومية الاجتماعية كعقيدة وفكرة وحركة, وما بين العلمانية كشعار ووسيلة  هي اساسا تخالف القومية الاجتماعية في الصميم وتتعارض معها في الجوهر والمضمون. ولكن مع الاسف ضعيفي الفهم في القومية الاجتماعية يخلطون بينها وبين القومية الاجتماعية بشكل خطير شوه القومية الاجتماعية وجعلها عقيدة ناقصة لا يمكن ان تجذب الشعب ما لم يتم اعتناق العلمانية على حد قولكم (نجح الحزب في اعتناق وبث علمانيّة جذبت إليه جمهوراً متنوّع الطوائف) طبعا هذا مخالف للحقيقة تاما.

وفي هذه المناسبة اود ان ابين نقطتين أساسيتين:

الاولى: ان القومية الاجتماعية هي التي جذبت الشعب السوري وجعلت منه صورة مصغرة لمجتمع الامة في مزيجه المتجانس, على اساس مبادئها الاساسية والاصلاحية. وجعلت الحزب قوة فاعلة في فترة زمنية قياسية تحول فيها سعادة وحزبه صورة الخلاص لكل ويلات الامة ومشاكلها منذ تأسيس 1932 الحزب ولغاية 1949 .

ولم يستخدم سعادة يوما واحدا كلمة علمانية او أي كلمة مسخرة من هذا النوع طيلة حياته على رأس زعامة الحزب السوري القومي الاجتماعي وقيادته لنشر الدعوة القومية الاجتماعية, بل كان يتحدث بقومية اجتماعية بحتةً دون أي مفردات او تعابير لجذب الشعب. بل كان يحدثه بعقيدته السورية القومية الاجتماعية, وبمبادئه  ومثله العليا, والقيم السورية التي تتحدث عن الحق والخير والجمال. وعن الحرية الاجتماعية والعدلين الحقوقي والاقتصادي. ولم يأت يوما على ذكر شيء اسمه العلمانية لا في خطابه المنهاجي الاول لسنة 1935 , ولا في محاضراته العشر, والتي تعتبر كتاب تعاليم القومية الاجتماعية ومنهاجها الفكري  في شرح نظامي النهج والشكل ورسالته وغايته ولا حتى في اثاره الكاملة كلها تجد سعادة يستخدم هذا التعبير لتوجيه المتعاقدين معه اطلاقا…

كما انه لم يأت على ذكر العلمانية ولا باي حرف منها في دستوره القومي الاجتماعي الذي سنه سنة 1934 واخضعه للمراجعة سنة 1937 ليعود ليقره بشكله النهائي سنة 1947 دستور اللامة السورية ولدولتها القومية الاجتماعية, وفيه لم يأت سعادة على ذكر أي من الاكاذيب التي تسمى:

العلمانية او الديمقراطية او الاشتراكية او اليسار او اليمين او أي كلمة اخرى لا تمت لعقيدته القومية الاجتماعية بصلة.

ولكن كل ما نسمعه عن هذه التعابير التافهة, والمشوهة للقومية الاجتماعية, جاءت بعد استشهاد سعادة على يد بعض القيادات ممن تسلقوا السلطة التشريعية في الحزب السوري القومي وادخلوا هذه التعابير في عقلية القوميين الاجتماعيين وان لم تظهر فعليا  كمفردات في الدستور. وهنا تكمن الخطورة الكبرى, وسربوا لداخلها المفاهيم العلمانية والديمقراطية والاشتراكية واليسار وغيرها من المفاهيم التي شوهت كثيرا وخلقت بلبلة عظيمة بين صفوف القوميين الاجتماعيين, و سممت الجسم الحزبي وحرفته عن مساره وادخلته في صراعات لم تنته بعد  ولكنها كن علي يقين انها ستنتهي يوما وليس ببعيد.

الامر الثاني: ان العلمانية هي نظرة دينية وليست كما يتم التسويق لها, وهي تتعارض والقومية الاجتماعية في الصميم لا بل هي الخطة المعاكسة للقومية الاجتماعية. وتاريخ نشأتها مرتبط بمجمع الحاخامات اليهود عندما وقع الصراع بينهم وبين رأس الدولة الرومانية بعيد عملية اغتيال المسيح والتآمر عليه ولم حققوا مأربهم وابعاد المسيح من الواجهة, قامت الدولة الرومانية بعزلهم تدريجيا ولكنهم استاؤوا كثيرا من هذا الامر وهنا بدأت اول عملية صراع معقدة بين السلطة الدينية والسلطة المدنية فسعى اليهود للسيطرة على راس الدولة من ناحية وعلى رأس الدعوة المسيحية التي اخذت بالتنامي من ناحية ثانية والتي اصبحت تشكل خطرا عليهم وارادوا ابعادها عن الدولة وادارتها وابعادها من الواجهة عن الدولة المدنية والسياسية فأطلقوا اول شعار لهم في التاريخ تحت هذا المسمى ” الفصل بين السياسة والعولوم ” والذي تحور مع الوقت ليصبح شعار : العلمانية .  والعولوم هي هنا العامة من المؤمنين المتمثلين بالمجمع الديني الذي يؤمنون بالمسيحية  ليفصلوهم عن السياسة والدولة. وذلك لمنعهم من الوصول الى أي مركز قرار  فكان شعارهم التاريخي فصل السياسة عن الدين  وهنا  السياسة لها مفهوم السلطة والحكم وليس المجتمع .  والعولوم هي العامة من الناس والمقصود بهم المسيحيين بصفتهم طبقة ثانية في المجتمع كما كان يتم اعتبارهم قبل ان يعتنق الامبراطور الروماني المسيحية ويعلن الدولة المسيحية الاولى والتي جعلت اليهود يفقدون عقلهم التام ومنذ ذلك التاريخ وهم يدبرون المكائد للقضاء على المسيحية ورأسها.

اذا العَلمانية بفتح العين تعني فصل الدين عن السياسية,  وكان هدفها حصر السلطة باليهود من خلال منع “العولوم” من الاشتغال في السياسة والسلطة .. وهذا الشعار لا علاقة للقومية الاجتماعية, به ولم تنادي به يوما , هذه هي حقيقة العلمانية التي يتشدق بها الجهلاء واصحاب العقول الضحلة في العلوم والمعارف والذين يرفعون شعارات يجهلون تاريخها وحقيقتها.

 اما التعاريف المسقطة حديثا والتي بدأت مع القرن التاسع عشر حول العلمانية كانت مجرد خديعة للفصل بين السلطة الكنسية والدولة في اوروبا بعد ان سقطت الاحتكار اليهودي للسلطة لردح من الزمن وبعد سيطرة الكنيسة على مفاصل السلطة وانحسار سلطة اليهود  انقلبوا عليهم وخلقوا لهم كذبة جديدة اسمها : فصل الدولة عن الكنيسة والتي تفاعلت بقوة مع اخراج المجرمين من سجن الباستيل  واسقاط الدولة في فرنسا تحت ما عرف باسم “الثورة الفرنسية” التي هي حقيقة كانت عملية عزل لسطلة الكنيسة بشكل نهائي وتحويلها لمجرد سلطة تبشيرية يتحكم برأسها المجمع المسكوني للماسونية العالمية ولليهود واخترقتها وشرذمتها الى ستين طائفة متناحرة فيما بينها لحد انهار الدم. وهذه العملية اخذت مع اليهود ما يقرب الخمسة قرون افنت فيها اوروبا وادخلتها في حروب صليبية  دموية واهلية وعالمية جابت عاليها واطيها  لحين استطاعوا ان ينفذوا بقرار دولي لإنشاء وطني ديني قومي لهم  في فلسطين سنة 1948.

اذا, عزيزي الصحفي المحترم

قد تتساءل وما الفائدة من هذا الشرح وما علاقته بمقالتك؟

قلت لك اعلاه بانك فتحت بابا واسعا للجدل والنقاش والذي بات لا بد منه لتطهير العقيدة القومية الاجتماعية من التشويهات التي ادخلت اليها عبر ضعفاء وموترين, وربما مدسوسين شوهوا بها وخلطوا فيها شر خلط بلبل صفوف القوميين الاجتماعيين واضعف شوكتهم.

ومن هنا اوجز التالي:

  • القومية الاجتماعية هي نظرة جديدة تختلف عن العلمانية واهدافها  ولا علاقة لها بها
  • القومية الاجتماعية هي دعوة لفصل الدين عن الدولة  والدولة هنا تعني الادارات والمؤسسات والدين هنا يعني الهيكلية والسلطة الدينية  وذلك لصيانة الدين والدولة  ولصيانة مصلحة المجتمع والامة (راجع شرح سعادة للمبادئ الاصلاحية الثلاث الاولى)
  • بينما العلمانية دعت الى الفصل بين السياسة والشعب ومنعت كل امتياز للمسيحيين لحساب اليهود.
  • ثانيا القومية الاجتماعية هي حركة اجتماعية ودعوة لإقامة دولة قومية لها حدودها الجغرافية ولها نظامها ودستورها
  • بينما العلمانية هي نظرة  دينية لمفهوم سياسي لخدمة محددة  وليس لها طروحات حقيقية او دعوة لإقامة دولة وليس لها كيان محدد بل هي طرح هِلامي يمكن استخدامه من قبل أي طرفة ليمرر سياسته واهدافه ولذلك تراها يرتفع منسوب الحديث عنها كلما اختنق اصحاب الطوائف والمذاهب والدين وينخفض منسوب الحديث عنها كلما تحققت مصالحهم.

 ثالث عشر: في نشوء الامم سعادة نقد ونقض التعليل الديني بشكل علمي ولم يسخر منه كما جاء في عجالتكم , وانا شخصيا اعتبر هذا التصريح من قبلكم بمثابة اساءة وتحقير في استخدام كلمة (السخرية) في جملتكم هذه (سعادة في «نشوء الأمم» لم يتساهل في «نقد التعليل الديني ونقضه»، وفي السخرية منه. وضع سعادة التفسير العلمي مقابل التفسير الديني الغيبي عن النشوء.) وهنا يتبين لي بانكم لم تتوقفوا على المفهوم العلمي للنقد والنقض عند سعادة فرميتموه بها التعبير المجحف السطحي السمج ( السخرية).

اما قولكم التالي (والصرامة العلمانيّة للحزب تجلّت في مبادئ الحزب التي شرحها الزعيم في «المحاضرات العشر»، حيث اعتبر أن العلمانيّة تتضمن فصل الدين عن الدولة و«منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء». بهذا الاختصار، وصف الزعيم دولة مدنيّة لم يجرؤ الشيوعيّون على المطالبة بها (كان جورج حاوي يقبّل صلبان رجال الدين عندما يلتقيهم) ففيه جل ما سوف اطلبه من حضرتكم اعادة قراءة المحاضرات العشر بشكل جيد وان تحدد لنا التعابير التي استخدمها سعادة ليطبق علينا كقوميين اجتماعيين تعاقدنا معه هذه “الصرامة العلمانية)  والواضح جدا كما اسلفت قبل قليل انكم لا تعرفون تاريخ العلمانية, وزد عليها قد التبست عليكم القومية الاجتماعية ومبادئها التي استطاعت عن تخترق روح المجتمع المتزمت وتخلق روحا جديدة هي روح المجتمع القومي الاجتماعي المبني على اساس فصل الدين عن الدولة وليس على اساس فصل الدولة او السياسة عن الدين او عن الشعب, وهما مفهومان مختلفان كليا وبشكل جذري ومن يخلط بينهما هو واهم وجاهل وضعيف في التحليل والتعليل. فدخول البيت ابدلا ليس كالخروج منه … فهما طريقان مختلفان كليا وباتجاهين متعاكسين.

وفي هذه الفقرة الاخيرة (البطولة عند سعادة هي للفرد وللجماعة القوميّة. لقد ترك سعادة مثالاً غير عادي في المشرق العربي نتيجة مواجهته الشجاعة للإعدام، وفي تحدّيه للسلطات اللبنانيّة العميلة. وقفة سعادة في المحكمة الباطلة كانت وقفة العزّ التي اختزل الحياة فيها. لكن هذه الوقفة أصبحت الأمثولة التي ينشأ عليها القوميّون والقوميّات. هي عنصر من عناصر إرث سعادة الكبير) اود ان اشرح لكم بان البطولة عند سعادة هي في المجتمع وليست في الفرد. وهنا قد اختلطت عليكم الصورة بين الفرد كإمكانية وبين الفرد كعضو فاعل في المجتمع يلتزم فيه وينتمي اليه بقسم ويمين عهد.

وهناك فرق بين تعبير الفرد امكانية والبطولة للمجتمع او البطولة للفرد … فسعادة صاحب ال نحن ومحاربا مجالدا صارما بمواجهة ألانا … لم تكن يوم الدعوة عنده بطولتها في الفرد اطلاقا .

فسعادة دعا الى وحدة المجتمع, ودعا الشعب الى ممارسة البطولة المؤيدة بصحة العقيدة كمجتمع موحد النفسية, وليس كأفراد كل على ليلاه يغني ,  وحدد بان الفرد هو امكانية فاعلة في المجموع العام وليس بشكل مستقل.

اخيرا ان وقفة العز التي سطرها سعادة هي امثولة للمجتمع والامة سار عليها القوميون الاجتماعيون كجماعة موحدة النفسية وليس (كقوميين وكقوميات) وذلك في مواجهة الظلم والطغيان, وليس الاعدام … بل بمواجهة كل من اعتدى علينا ..

الصغار الصغار هم ساروا الى مزابل التاريخ وسعادة تجلى اسمه في نفوس السوريين شمسا  تنير دروب الثائرين والتائقين للحرية و تلهم كل شرفاء العالم وليس السوريين او القوميين الاجتماعيين فحسب.

واسلموا للحق والجهاد والمعرفة

لتحي سورية وليحي سعادة

الرفيق هاشم حسين

كوتونو-بنين

20/07/2019

شاهد أيضاً

السيد الحوثي للشعب الفلسطيني: لستم وحدكم ونحن واثقون بالنصر

قال قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “ننصح الأمريكي …