الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم: في موضع الرد على ملف صحيفة الاخبار بمناسبة سبعين عام على الاغتيال السياسي لأنطون سعادة تحت عنوان: شرح وتبيان لمكامن الخطأ في مقالات الملف

في الرد على الصحافي اسعد ابو خليل سيتم على خمسة اجزاء للضرورة نشكر اهتمامكم .

الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم (الجزء الاول)

تحية قومية اجتماعية وبعد

في العدد الصادر بتاريخ 13 تموز 2019  بمناسبة سبعين عام على استشهاد انطون سعادة  نُشر مقال لحضرتكم تحت عنوان (وقفة العزّ التي اختزل بها الحياة).

في البدئ, اذا يهمنا ان ننوه بجهدكم الذي بذلتموه لتقدموا صورة ما تعبرون فيها عن لحظة وفاء لشخص اختصر الازمنة كلها بيوم واحد, وعبر التاريخ مسجلا وقفة العز التي غيرت مسار امة بأكملها ظنها اعداؤها انها قد قضت الى الابد, ولكنها عادت للحياة تنضح شرايينها بدم فاديها وباعث نهضتها في الثامن من تموز 1949.

وبعيدا عن الاسترسال, ما يهمنا هو موضوع هذا الكتاب اليكم في شأن ما ورد في مقالكم من نقاط وجدنا انه من الواجب القومي الاجتماعي الوقوف عندها, وتصحيحها اولا, واعادة تصويب البوصلة التي قد تكون فقدت معناها لديكم او قد تكونوا قد أفقدتموها ذلك عمدا ثانيا, سيما انكم لستم من خط سعادة الفكري, وبهذا الامر سنحسن الظن لعله يكون حسن الظن هو اساس مقصدكم  ولهذا سنبين هذه النقاط المهمة جدا بالنسبة لنا:

اولا : في مقدمة مقالتكم ذكرتم  (سبعون عاماً مرّت على إعدام أنطون سعادة ولا زلنا نتحدّث عنه.) اذ يهمنا ان نبين بأن سعادة لم يتم اعدامه بل تم اغتياله , وهذا الاغتيال هو اغتيال سياسي  كما حدده صاحب الامر نفسه. وعلى هذا الاساس نعتبر استخدامكم تعبير كلمة (اعدام سعادة) جاء خارج الاطار الحقيقي لتكريم صاحب المناسبة بل استعادة ذاكرة الاتهام, والاهانة او الاساءة على اقل تقدير.

انّ بقاء سعادة في دائرة الضوء لاعب اساسي في السياسة والعمل الوطني والقومي, هو الذي ينفي صفة الاعدام هذه عنه كليا. وهو يعطيه حق استعادة المحاكمة لكي نسقط مفهوم الاعدام الذي تردده بعض الاقلام عن عبثية مطلقة لا تمييز بين الحق والباطل, وتخلط بين الاغتيال والاعدام. وهذين العملين هما امران  لكل واحد منهما مدلوله ومفهومه العلمي والسياسي والحقوقي والاجتماعي . لذلك نجد تضارب ما بين عنوان مقالتكم (وقفة العزّ التي اختزل بها الحياة)  وابتدائها بجملة هجينة (سبعون عاماً مرّت على إعدام أنطون سعادة) في مسألة التوفيق السطحي ما بين كلمتي (وقفة العز) و(الاعدام).

ثانيا: في مقدمة مقالتكم حتى نهايتها قدمتم جردت اسماء محاولين الربط بين تاريخها وتاريخ انطون سعادة وبتأشير منكم واضع بان بعضها نجح بالوصول الى الحكم بينما سعادة فشل بذلك  مع ابتدائكم ب (لا نافية) الا أن ذلك لا يعطيكم الحق اطلاقا المقاربة بين واقع ما جرى مع انطون سعادة كصاحب دعوة وفكر وابتكار اصلي, واخرين كانوا مجرد رجال سياسة او عملاء للأجانب اكتسبوا مكانتهم من خلال الادوار التي اوكلت اليهم ليلعبوها, بينما سعادة اكتسب دوره من ارادة الامة والتعبير عنها بعقيدته ومبادئه وحزبه الذي اسسه والذي مازال حزب ينضح بالحياة, بينما كل من ذكرتهم انتهت ادوارهم اما بعزلهم من مشغليهم, واما بالقضاء عليهم برجال امنت بإرادة الامة, واما بتغيير ادوارهم لأدوار ثانوية, او بموتهم  اوبحتفهم, حتى انه بات لا ذكر لهم الا وكانت كلمة (خيانة) تسبق اسماءهم مهما حاول البعض تجميل تاريخهم العفن.

لهذا وجدنا بان جردة الاسماء التي وضعت في مقالتكم للمقاربة والمقارنة لم تكن موفقة اطلاقا سيما انكم تتحدثون عن سبعينية استشهاد رجل كان  بحجم أمة وامة في رجل, وهذا ما انتم تؤكدونه بمقالتكم بتعبيركم هذا (أنطون سعادة ترك إرثاً لم يتركه هؤلاء: هو تركَ عقيدة متماسكة ـــ اختلفتَ معها أم اتفقت ـ وتركَ مؤسّسات حزبيّة ما زالت تعمل، وترك أيضاً مثالاً في البطولة عزَّ نظيره.) فكيف استطعتم وبمناسبة تكريمه جمع كل هذا الاضداد في فقرة واحدة تؤذي بحق نفوس المؤمنين بهذا الرجل الذي قدم دمه فداء لامته ولشعبه  ان تسردوا هذه الاسماء كلها الى جانب اسمه على كامل اسطر مقالتكم في يوم ذكر تعميده للصراع بوقفة العز؟!! هو الذي تخلد زعيم امة, وهم الذي اندثروا بين مزابل التاريخ ومنسياته.

ثالثا: وهو ما نتوقف عنده بقوة, ونجد أنكم تغردون بما لا تفقهون , ولا ادري كيف توصلتم الى هذا الاستنتاج المبهر للعقل, والذي قد نعجز عن بلوغه ونحن من المؤمنين بالقومية الاجتماعية ايمانا لنا ولعوائلنا, واتخذناها شعارا لبيوتنا. فكيف توصلتم انتم الى هذا الاستنتاج الذي نحن لم نتوصل اليه فصعقنا بقوة تعبيركم الجاف هذا. والذي ان عبّر عن شيء هو يعبر عن قلة معرفة بحقيقة القومية الاجتماعية, ولم يبلغ اذانكم الا بعض الصور المتذبذبة لبعض النشاز من القوميين الاجتماعيين الذي هم اساسا خلطوا بين فهمهم للقومية الاجتماعية, وبين خلفياتهم الماركسية والعروبية التي ربما اتوا منها او تأثروا بها , ولهذا نجد تعبيركم هذا (والعقيدة ما زالت ثابتة في مفاصلها الأساسيّة وإن تشرّبت بعناصر تجديد ماركسيّة يساريّة وقوميّة عربيّة لم يؤثّر تشرّبُها على تميّز العقيدة عن غيرها من العقائد.) هو تعبير هجين قاصر يخلط السم بالدسم  والعسل, ويشوه الحقيقة, ويخدع العقول التي لم تكن على قدر يؤهلها للنقد او لحماية نفسها من شرور هكذا خلط وتمييع بين عقيدة وضعها صاحبها من صميم عقلها السوري المبدع, وبين اشخاص اخرين اسسوا عقائد وافكار لحسابات خارجية, او استوردها لإسقاطها على بلادهم خدمة لأصحابها ودولهم فالقومية الاجتماعية هي صافية بعقيدتها متينة بمبادئها صلبة بمعتنقيها ولم تتأثر كعقيدة لا بماركسية ولا بعروبية ولا بانعزالية وان كان بعض الافراد سقطوا بهذا الوحل فهو سقوط فردي تنبذه الحركة القومية الاجتماعية نبذا .
رابعا: عطفا, ان التضارب الواضح في هذه الفقرة (لكن النظر إلى أنطون سعادة وعقيدته ليس سهلاً لما اعترى الصورة من تشويه مقصود من قبل أعداء الفكرة القوميّة السورية: لقد حاربَ هذا الحزب وعقيدته القوميّون العرب ـ على أنواعهم ــ والشيوعيّون والانعزاليّون اللبنانيّون والليبراليّون العرب في مضارب أمراء النفط والغاز. فالحزب ليس انعزاليّاً وليس قوميّاً عربيّاً.) مع الفقرة التي تليها (. لكن شروحات الزعيم لمبادئ الحزب تركت من المرونة ما سمح لها بالتطوّر، مثل النزعة العروبيّة التي تصعد أحياناً (في سنوات الحرب الأهليّة) وتنخفض أحياناً (مثل السنوات الأخيرة وتصاعد نغمة المشرقيّة، التي ينطق بها بعض انعزاليّي لبنان). فسعادة في «المحاضرات العشر»، قال إنه لا مانع من أن تكون «الأمة السوريّة إحدى أمم العالم العربي». ) هو بحق امر مقلق جدا  ويدفعنا للسؤال :

كيف خلصتم الى هذه النتيجة بان القومية الاجتماعية وبسبب مرونتها  كانت تصعد وتنخفض بين العروبية والانعزالية؟ ..

 كيف توصلتم الى هذه الخلاصة العملية التي تبهر العقول الضحلة؟

عزيز الصحفي المحترم

اثناء كتابتك لهذا الجمل الم تفكر ولو لحظة بانك تقدم خليطا فكريا قّل نظيره وتمزج مزجا مرا بين مر عليّق الافكار وحلاوتها؟

ولكنني لا الومك على كل حال لان الواضح انكم قد قمت بتقييم عقيدة سعادة من خلال اداء بعض السياسيين القوميين … الاجتماعيين.. ولكن عليك ان تدرك جيدا ان هؤلاء لا يعبرون الا عن انفسهم فقط  كما اسلفت في الفقرة الثالثة.

فالعقيدة القومية الاجتماعية بقوميّتها السورية  لا (تصعد) ولا (تنخفض) لا احيانا ولا سواها,  بل هي راسخة رسوخ صنين والمزة وسيناء  والجودي وطوروس وزغروس. وتجري في شرايين الامة وشرايين رجالاتها كدجلة و الفرات والليطاني ونهر الاردن والكبير  والعاصي  عاصية عصية على كل احلام اعدائها, صغار كانوا ام كبار من المس بها او الانتصار عليها. وما كلامكم الا اضغاث احلام وتهيؤات يقظة مدفوعة الاجر مع تأكيدي لكم بان سعادة لم يقل يوما انه (يمانع او لا يمانع) بان تكون الامة السورية احد الامم العالم العربي بل هو قال صراحة بان سورية هي احد الامم العالم العربي وهي المؤهلة لقيادته.  وهي سيفه وترسه وهي حامية الضاد  .

فلهذا نجد بان رسالتكم هنا كانت قاصرة جدا, ولم تٌوفقوا بها اطلاقا ولن يُخدع بها الا ذوي الاطلاع السطحي فقط ..

جزء اول يتبع جزء ثاني

واسلموا للحق والمعرفة

لتحي سورية وليحي سعادة

الرفيق هاشم حسين

20/07/2019

شاهد أيضاً

السيد الحوثي للشعب الفلسطيني: لستم وحدكم ونحن واثقون بالنصر

قال قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “ننصح الأمريكي …