مما لا شك فيه، البشرية اخذة بالتطور المضطرد، والى مرحلة لا رجعة فيها الى الوراء الا دفعة واحدة، عبر كارثة انسانية يتسبب بها السلوك الانساني ليعود ادراجه الى مراحله البدائية الاولى، ليعيد الانسان تكوين حياته من جديد بحالة تطور اخرى كما فعل مراراً عبر تاريخ الوجود والحياة واصلها منذ بدء التكوين، هذا الاصل الذي لا يمكن تعيين بداية له، وكذلك لا يمكن تعيين نهاية له مهما بلغ الانسان من العلم، ومهما صنع من الات الذكاء … التي يتفاخر بها، وفيها حتفه وتكرار عودته الى البدء من جديد، كلعبة صِبية يقتتلون على العابهم البدائية، وعند نهاية كل مشكل يتنادون للبدء، او يتبادؤون من جديد على اساس تكملة ما بدأوه، ولكن بصيغة الابتداء الاولي لأصلٍ قد وجد دون تعيين مبدأه الاول.
عينها العلوم الصناعية، و #الذكاء_الاصطناعي (Artificial Intelligence)، هي من اهم عوامل الفناء البشري او الدمار الأخير، لأنها السبب الرئيسي في عملية تعطيل العقل البشري من الابداع والتطور الاجتماعي الطبيعي الى التطور الفيزيائي-المادي ( Physico-material Evolution ) الذي يقوم بعزل الانسان تدريجيا، ثم تحويله الى مجرد حيوان قائم مثله كغيره من الحيوانات يُستخدم لتأمين الاغراض الخاصة للمسيطرين والمتحكمين بوجوده ممن يدعون أنفسهم ب: النخبة.
وهذه #النخبة ، تسيطر على غالبية البشر لتحولهم الى مجرد عجماوات ناطقة ملتزمة بالنظام، ومطيعة لهم، ومستعدة للقتل لحسابهم والموت دون نتيجة، فقط لمجرد انها تتطبق غريزة سلوكية لا أكثر تنفطر عليها مرغمة كما يحصل اليوم مع ما يسمى الذكاء الاصطناعي او الصناعي سيان.
مقاربة:
إذا ما دققنا خلال السنوات الاربع الاخيرة، ومنذ صناعة اكذوبة كورونا، او نظام التحكم العالمي البيولوجي الجديد ( New Biological Global Control System NBGCS ) ، والذي ارادوا منه فرض تطبيق النظام الجمعي على أساس ((قواعد البهيمية ((Bestiality Rules) للبشرية، وبدء مرحلة تعطيل العقل عبر فرض نظام الاغلاق الجبري لكافة مسارات الحياة، وخصوصا منها النظم التعليمية، لخلق جيلٍ هشٍ ضعيف تسيطر عليه مجموعة النخبة (Elite Group) عينها.
وايضا عبر صناعة وسائل الانتاج الشبكية، عبر برامج التفاهة لتسهيل مبدأ الانتاج عبر محتوى فارغ، ولكنه منتج بشكل خطير، لدفع جيل الشباب الى نسيان مفهوم العلوم والتعلم، والاعتماد على مبدأ الاستنساخ والاكتساب الاوتوماتيكي للإنتاج السهل، وذلك بخلق المُحتوى الذي لا يعتمد اي صناعة عقلية، انما يعتمد الصناعة الحركية والشكلية، وخلق حلقة الهاء خطيرة تعطل العقل، وتبعث على الاحباط، وتحييد الانسان العامل-العاقل (Worker-sapiens) الى حساب الانسان التافه-السطحي (Frivolous-superficial) بحجة الاستفادة من الذكاء الصناعي الذي بدأ ادخاله في كثير من مجريات الحياة البشرية وحتى الصناعات الاجتماعية كالأفلام والمسلسلات وغيرها كأحد النظم الجديدة للسيطرة بعد فشل الفرض البيولوجي..
ونرى، انه وخلال أربع سنوات اصبحت المدارس عبارة عن مرحلة عبور فاشلة، وامتحانات فاشلة، ونتائج وهمية يمكن تغييرها بأي لحظة (كما يجري حاليا، لناحية، التلاعب بالنتائج في مصر مثلا)، وسلوك تربوي يعتمد الحركية (كما تعاني منه مدارس لبنان بالمُجمل) أكثر من المنطق والعقلية، وتركز على الشكليات وحفلات التخرج مع ان المحتوى التربوي-التعليمي تقريبا صفر..
جيل بأكمله معطل تعطيلاً منظماً يكاد لا يفقه شيئاً الا المبالغة في استخدام وسائل التواصل من تيك توك، إنستغرام وغيرها من الوسائل المشابهة، بمعدل استخدام الي-سلوكي-الي يصل الى ثماني ساعات يومياً على اقل تقدير وقد يبلغ عشرون ساعة عند البعض.. ضمن محتوى سفيه وتافه وغالبا يعتمد الاغراء او التحقير.
وكي لا نطيل أكثر،
ان الذكاء الاصطناعي الذي يتم التطبيل له، هو ليس الا مرحلة جديدة من مراحل فرض نُظم سيطرة جديدة تمارسها مجموعة (النخبة) لتسيطر على البشرية بحجة التطور مع عملية منظمة لتحويل الانسان من انسان عاقل-مخير الى حالة شبيهة بالإنسانية، أقرب الى العجماوية-المسيّرة، اي ان الانسان بعد فترة سيعيش حالة بهيمية مرغماً عليها..
الذكاء الصناعي او الاصطناعي ( Artificial Intelligence):
بالمناسبة، هو ليس ذكاءً حقيقياً كم يتم ايهمنا عبر التسويق له بقوة وخصوصا في الآونة الأخيرة كبديل للتفكير العقلي، انما هي عملية استغباء العقل البشري بحد ذاته عبر تعطيله بواسطة بشريين اخرين يصنعون هذا الذكاء، ويُدخلون فيه الكم الهائل من التراكم البشري العلمي والمعرفي بوضع كافة نتاج الانسانية من معارف وعلوم التي تخدم مصالحهم عبر نظام:
(الداتا المكثفة المركزة الموجهة) Concentrated Directed Data (ICDD)) Intensive) ،
لصناعة ((السلف كونترول… ((Self- control ثم تتحول الى قوة رقمية هائلة (Huge Digital Power) تستعيدها انت كمستخدم (User) عبر اسئلة كيفما شئت، ولكنه هو يعيد اليك صناعة الأجوبة كيفما يشاؤون هم ولا يبدع لك او يجيبك بمنطق التفكير العقلي الإنساني كم يوهموننا، ليشكلوا لك وعياً جمعياً ومعرفياً كما يريدون هم، مع المحافظة على ابهارك من خلال اشعارك بالتخمة المعرفية، او بالشبع المعرفي الموجه (Guided Cognitive Satiety)، فتنبهر بقدرته وامكانيته الثقافية والعلمية والمعرفة ليس لقوته حقيقة بل لضحالتك انت (هنا المقصود الذي يعتمد على هذا النظام الجديد) ، وتصبح محكوم له بصفته يتفوق عليك ويمكن له تشكيل معرفتك، وثقافتك كما يشاء، ضمن حلقة اقناع مدروسة تسقط ضحيتها، ولكنك تشعر بالرضى، تماما كأنثى تغتصب رجلاً، فلا هي تشعر بالإهانة، ولا هو يفقد رجولته..، ولكنه يتحول الى ضحية راضية من داخله، رافضة بالشكل مع فعل انساني مشين بصفته ضحية لمنطق القوة لا للفعل عينه الذي اساساً يشعره بالرضا الداخلي مع شين الفعل عينه..
هذا هو الذكاء الاصطناعي، هي عملية اغتصاب عقل الانسان عبر كم من المعلومات وضعها انسان اخر في “ميكانيزيمية” الالة (( عقل الالة (( Machine Mind) (لتجيبك هي على كل اسئلتك كما تريد هي مع اشباع لك، فتنبهر بها وبنتاجها، وتعتبره انت تفوقاً دون ان تدري ان عقلك تم تعطيله بشكل كامل لحساب الالة نفسها التي تجيبك في عملية اغتصاب حقيقة كما مثّلنا لك اعلاه.
كي لا نطيل:
نحذر الاجيال الحالية من مغبة الانغماس أكثر فأكثر في منظومة السيطرة الجديدة، والا سوف يتحول هذا الجيل الى حالة كرتونية تسقط تدريجيا في حضن الجهل الموجه، ليتحول الانسان مع هذا الجهل الى مجرد كائن عجماوي لا قيمة لوجوده الا بمقدار خدمته للمشغلين من اهل النخبة والسيطرة، وتصبح حياة البشر مجرد ارقام بلا اسماء وبلا حياة اجتماعية، بل مجرد حياة رقمية تسيطر عليها المادة سيطرةً تامةً تَسقط فيها كل القيم والمفاهيم الانسانية والاخلاقية، ليتحول الانسان الى مجرد مخلوق يمارس غريزة البقاء لا حقيقة الحياة عينها.
واول بشائر هذه الغريزية هي تدمير مفهوم العائلة، والاسرة، والحياة الاجتماعية العمومية والحميمة، لحساب خلق الكائن الفردي الذي يمكنه هو نفسه التحكم بحياته من ناحية والتحكم به كفرد ايضا من ناحية ثانية وعن بُعد من قبلهم هم، وتحويله كيفما يشاؤون، حتى الحبَل والحمل يُصبحان صناعياًن، انبوبياً بشكل تام لا حاجة للتواصل والاتصال البشري-البشري، فنصل الى مرحلة الوجود ( الكائن-المادي الرقمي ( (Object–Digital Physical ).. بدلاً من الكائن البشري الفاعل (Active Human Being) ، الذي يمكنه ان يقتل كآلة، او يعيش حياته كآلة، وان يتعطل كآلة، او ان يتم انهاء حياته كآلة عبر نظام الوضع ( “خارج الخدمة” “Out of Service” ) او ما يعرف بنظام التلف او نظام ما يعرف باسم (……Salvage…..) او (…….الانقاض(……
نعم هذه هي حقيقة ما نحن ذاهبون اليه كبشرية، والتي يتم اعدادها للقاء حتفها الأخير، وذلك عبر التطور الالي والذكاء الاصطناعي الذي سيصل الى نهاية غير سعيدة ما لم تُكبح جموحه القاتلة بقرار
(عقلي انساني-واعي) (Human- Conscious Mind) ، يفرمل هذه الاندفاعة الخطيرة، ويعيد التعقل الى البشرية، ومنطق وجودها الانساني الفاعل كجماعة، لا كأفراد، لتعيد ترتيب نفسها، وتحافظ على كينونتها البشرية في عملية تطور طبيعية لا صناعية ولا اصطناعية (Natural Evolution , not Artificial) .. ستصل بالبشرية حتما الى نهايتها الحالية المدمرة لبدءٍ جديدٍ لا أحد يعرف طبيعته، لان النهاية ستكون كارثية، اما البداية الجديدة، فلن تكون الا شبيهة للبداية الاولى، وقَصص جديدة عن الخلق، وما بعد الخلق.. والغابرين الاولين.. وقصص الخيال في البعث الجديد لنهاية جديدة تتكرر عند كل نهاية تطور خطيرة حصلت في تاريخ هذا الانسان الذي خُلق من علق وتراب وماء.. ال ادم.. الطين.. وتكون فيه نهاية جديدة لبداية اخرى جديدة ويقال فيها من جديد: ن وما يسطرون…
د. هاشم حسين
دكتوران علوم اجتماعية وتنمية
باحث في علم الاجتماع
كوتونو-بنين
05\08\2023