الجمعة , 26 أبريل 2024

الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم:انطون سعادة اعاد لعلم الاجتماع هويته معلنا بان “العقل هو الشرع الاعلى في الانسان”

سورية الطبيعية
خريطة الامة السورية وفقا للقومية الاجتماعية السورية ووفقا لواضعها المفكر انطون سعادة

تحت عنوان: شرح وتبيان لمكامن الخطأ في مقالات ملف الاخبار

الى الصحافي اسعد ابو خليل المحترم (الجزء الرابع)

تحية قومية اجتماعية وبعد

 عاشرا:  في اللغة والعقيدة قد تكون انصفت سعادة بالجملة الاعتراضية فقط بقولك (: كتب سعادة بلغة متينة جمعت بين معرفته بعدد من اللغات وأدوات التحليل الاجتماعي. ونحت سعادة عدداً من المصطلحات (مثل «النرفانيّة» عن الـ «نيرفانا» الهنديّة)) ولكم كان جميلاً لو توقفت هنا لكنت قلت انك بحق حاولت اعطاء سعادة بعضا من حقه المهدور منذ سبعين عام  وهو بالفعل نحت مصطلحات كثيرة وهي وازنة في علم الاجتماع عموما وتعاريف لم يضاهيه بها احد من علماء علم الاجتماع لا الحديث ولا القديم فكان له حق هذا النحت براءة كاملة كتعريفه للامة والمتحد وتعريفه للسياسة عداك عن نحته للمصطلحات, ولكنك عدت لتكمل فتقع في خطأ الفهم  والاستنتاج من جديد  في قولك هذا (لكن الأهم أنه كتب لغة علم الاجتماع الغربي الحديث بلغة عربيّة سليمة وبليغة لكن سلسة. وهذا التحدّي لا يزال صعباً على الأكاديميّين العرب.) اذا انك جعلت من علم الاجتماع السوري القائم بحد ذاته علم اجتماع غربي , ربما لجهلك بتاريخ علم الاجتماع الذي يعترف علماء الاجتماع انفسهم بان ولادته كانت سورية محضة مع العلماء الذي نسبوا ظلما وزورا للحضارة الاغريقية –الرومانية واليونانية

والسؤال العلمي الذي نطرحه في نقاشاتنا الجامعية دائما مع فحول في علم الاجتماع والانثروبولوجيا :

اذا كان سقراط وارسطو وطاليس وبيتاغورس وارخميدس وابو قراط  وغيرهم  الالاف من العلماء والحكماء قد درسوا في سورية ولقبوا كل واحد منهم ب “ابو” كذا  وهو على سبيل الادعاء اغريق يونان ورومان وغيرهم..

فالسؤال: من علّم هؤلاء؟

على يد من تتلمذوا ليصبحوا حكماء؟

اين المدارس التي تعلموا بها؟

الم تكن الامة السورية عبر تاريخها هي حلم الباحثين عن المعرفة وراية المستشرقين؟

الم يكن زينون الرواقي ابن مدينة صور هو اول مدرسة اطلقت القول بان العقل جوهر الانسان؟؟

اذا , انطون سعادة اعاد لعلم الاجتماع هويته معلنا بان “العقل هو الشرع الاعلى في  الانسان” ليسجل له التاريخ بعد زينون الرواقي جوهرية العقل للإنسان   بثلاث الاف عام حكمة ” عقلية  الشرع الاعلى للإنسان”  لن تنساها الاجيال لطالما فيها نبض حياة  فهو لم يتحدث بلغة علم الاجتماع الغربي كما جاء في مقالتك , انما هو اعاد لأصحاب الحق حقهم.

 ومن فمهم كعلماء غربيين ادانهم ونقد ونقض كثيرا من نظرياتهم ليخلص الى نظرته الجديدة السورية التامة بقوله هو : “انها ابتكار اصلي من عقلية الامة السورية المبدعة الخلاّقة” التي منها زينون وانطون سعادة حيكما تصريف العقل في اعلانهما الانسانيين التاريخيين السرمديين }العقل جوهر الانسان{ و”العقل الشرع الاعلى في الانسان”.

اما بشأن علماء الاجتماع العرب فهم لا يريدون العودة لأنفسهم لانهم ارتضوا المهانة والذل

واقول لك بان ابن خلدون هو اب العلوم في علوم الاجتماع وجامعها في مقدمته الشهيرة  كلها في السياسة والادب والأنثروبولوجيا والاجتماع واللغة والبحث الميداني والتطبيقي والعملي وهناك من يتنطح ويقول علم الاجتماع غربي المنشأ .. وهذا لسبب بسيط.. لان الكثيرون يجهلون تاريخ علم الاجتماع اولا, ويجهلون تاريخ بلادهم ثانيا.

 وعداك عن ابن خلدون اليك ابن الهيثم والرازي وغيرهم العشرات العشرات ممن اغنوا العلوم والمعارف في العهد الاخير لبلادنا من الف عام  ولن اعود بك الى عهد العلوم والتقدم الذي خاضته الامة السورية منذ الاف السنين الذي سُرق ليُنسب زورا وبهتان الى الارث الاغريقي  الروماني واليوناني.

احد عشر: بجردة سريعة للفقرة السابقة اود ان اختصر لك بأن سعادة كتب علم الاجتماع بلغة سورية صافية, واعاد الامور الى نصابها بعد الف عام من الغياب القمعي الذي مارسته دول الاستعمار الاوروبي. التي نسبت كل علوم بلادنا لأسماء وهمية كاذبة عبر علماء اجتماع بين القرنين التاسع عشر والعشرين بكليتهم كانوا يهودا من اباء وامهات يهود وليس على سبيل الحصر  مثال على ذلك : دوركهايم وكارل ماركس وداروين وسبينوزا  وكلود ليفي ستراوس وغيرهم الكثيرين,  بنقرة على مفتاح البحث امامك وبلمسة يد يمكنك ان تتعرف على كل واحد منهم من ابيه وامه وديانتهما فتعلم السر الابقى وتعرف السر الادهى في مسالة التخطيط لاغتيال سعادة بشكل حقيقي وجدي بعيدا عن اقزام العمالة في لبنان والشام في ذينيك العقدين المشؤومين ما بين 1930 و 1949…

اذا, ابين لك امرين خطيرين بأن:

  • هؤلاء العلماء القمُّعة لم يأتوا عبثا بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين في ذروة الحملة اليهودية لإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين ..
  • هؤلاء العلماء الاجتماع خلقوا ذاكرة غيرت مفاهيم الناس كليا, وحوّلت علم الاجتماع اداة طيعة بأيديهم لخلق صور جديدة في عقول الناس لتقبل ما سيؤول اليه العالم لاحقا وهذا ما جرى بالفعل ..

وخصوصا اؤلائك الذين درسوا الاثنيات والشعوب بشكل مستقل عن بيئاتها الاجتماعية وحوّلوها الى شعوب مستقلة اصبحت في اذهان اهل بلادنا شعوب ترتبط بها اجدادهم كالفينيقية والكنعانية والاشورية والكلدانية والسامية وليس بالأمة نفسها وبتاريخها  وغيرها الكثير من المفردات التي قتلت تاريخ شعبنا برمته فجاء, سعادة ليضع حدا لهذا الهراء كله, واكاد اجزم انه كان احد اسباب اغتياله لأنه كشف حقائق التاريخ وازاح غبار الزمن عن تاريخ بلادنا بمواجهة لصوص العلوم قبل لصوص الارض.

لتعد وترتكب خطأ جديدا  حضرتك, ربما لجهلك بحقيقة كتابات سعادة, او لمحدودية اطلاعك بها, او ربما لرفضك الباطني لقبول سعادة مفكرا حقيقيا وصاحب ابتكار اصلي يعود للخلفية الشيوعية- الماركسية التي تختزنها في عقلك, ولكي لا تكسر صورتها نهائيا في رأسك

بجملتك التالية: (لكن هنا المشكلة في استعانة سعادة بعلم الاجتماع الغربي: ١) أنه وازاه في اليقينيّة بالعلوم الطبيعيّة، و٢) استعانة سعادة بعلم الاجتماع الغربي، وخصوصاً علم الأنثروبولوجيا، أوقعه في عنصريّة واستشراق هذا العلم، مع ملاحظته لبعض النواحي العنصريّة فيه (مثلما لاحظ «التحامل على السلالات» في أميركا (ص. ٢٦، من «نشوء الأمم»). وسعادة لم يكن كما رسمه كاريكاتور كارهيه: أنه نقل العقيدة النازيّة. من قال ذلك لم يقرأه (نفى ذلك في «المحاضرات العشر»).)

فتاهت بك المفردات لتتهم سعادة بالعنصرية لناحية استشراق هذا العلم ..

وهنا ايقنت كثيرا انا بانك ضحل المعرفة بسعادة فعليا, وبتاريخ علم الاجتماع الحقيقي عموما. وبانك  تنهله من مصادر الكتب الغربية فقط فوقعت في الحكم القاتل مع انك تعترف بان سعادة نقضهم وسخر منهم فكيف يكون قد نهل منهم او تأثر بهم كما زعمت اعلاه؟.

امّا في مسألة التحامل على السلالات  في العلم الغربي  سعادة دحضه دحضا نهائيا

وما يجب ان أبينه هنا كباحث في علم الاجتماع, ان سعادة هو يكاد يكون العالم الوحيد في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الذي قال ان السلالات يصعب تحديد هويتها بسبب الانصهار التاريخي الذي حصل عبر الزمن, بالحاصل والتمازج والاختلاط والاحتكاكات الاجتماعية الكبرى التي كانت تنتج عن الحروب او الهجرات الاجتماعية الكبرى بحثا عن حياة افضل. ويحسم جدلية سقوط نظرية العنصر المتفوق كسلالة بانه لا وجود له اطلاقا.  وتحدث عن تفوق النفسية للأمم, معلنا بان الامة السورية تتميز بتفوق نفسي  يميزها عن سواها لغزارة اشتراكها في الحياة الانسانية فنشأ فيها ما عرفه سعادة : المزيج المتجانس وهو نحت خاص بسعادة وهذا ما دفعه الى رفض نقاوة العرق الآراي للنازية ومسألة الشعب المختار لليهود واكذوبة السامية  وهذا ما يدفع ببعض الجهلاء الى اتهام سعادة بالعنصرية او الشوفينية او النازية لغبائهم وجهلهم بكل هذه المفاهيم الخاضعة للعلوم الاجتماعية وهذه الشعارات ولأخذهم بالجانب السياسي فقط.

امّا في هذا السرد (وسعادة لم يكن كما رسمه كاريكاتور كارهيه: أنه نقل العقيدة النازيّة. من قال ذلك لم يقرأه (نفى ذلك في «المحاضرات العشر»). هو رفض تحديد السلالات على أساس لون البشرة وسخر من ذلك، لكنه اعتمد على الأنثروبولوجيا الغربيّة في الركون إلى فصل السلالات بناء على حجم الجمجمة مع أنه دحض الفكرة العنصريّة الغربيّة عن «نقاوة» السلالة ووصفها بـ «الفاسدة بالمرة» (ص 33 ـ «نشوء الأمم»). لكن سعادة تحدّث عن سلالات «راقية» وأخرى «منحطة». لكن تطوّر العقيدة يسمح بإهمال هذه العناصر من الفكر المؤسس، ودراسة العقيدة القوميّة السوريّة مزدهرة لكن في اللغة الإنكليزيّة فقط للأسف (كتب سليم مجاعص وعادل بشارة). إن هذه العقيدة والالتزام الحزبي أنتجا أجيالاً من القوميّين وحميا من الارتداد والتساقط والخيانة: ينعزل القومي السوري، لكنه لا يخون (ألهذا جنّد وديع حدّاد من بينهم ولم يجنّد من أحزاب لبنانيّة أخرى؟). تقارن ذلك بعشرات القادة والمثقّفين الشيوعيّين الذين انهاروا بمجرّد سقوط الاتحاد السوفياتي. وهذا مرتبط بفشل أو عجز الشيوعية العربيّة عن إنتاج أدب سياسي محلّي على غرار إنتاج سعادة بالرغم من سقطاته وعيوبه. وتماسك العقيدة رسّخ المبدئيّة في الحزب، حتى عند الذين غادروا الحزب. لا ترى في هذا الحزب نماذج مثل كريم مروّة، وهو ينتقل من ستالينيّة سوفياتيّة متحجّرة إلى رأسماليّة ليبراليّة، ومن مديح المقاومة إلى هجائها في صحف سعودية.) . فإنني اتفق معك تماما بان القوميين الاجتماعيين يعانون بالفعل من بُعدٍ عن سعادة بضحالة البحث الحقيقي بالقومية الاجتماعية, وعلمها. واكاد اقول بالتصحر الفكري والبحثي. ومنهم من حاول ولكنه وقع في خطأ الخلط ما بين القومية الاجتماعية (Nationalisme-Social)  والقومية الاشتراكية (Nationalisme-Socialiste)  فتاه في فوضى الافكار ,وانتج كتب اشتراكية بدلا من القومية الاجتماعية. والامثلة كثيرة,  ولربما هي قد تكون سبب استنتاجاتك الخاطئة  التي اشرنا اليها في الحلقات الثلاث السابقة. والتي تاهت بوصلتهم فيها عن اسس ومفاهيم القومية الاجتماعية ومسألة الامة ومفهومها ونظامها الجديد ومسألة الديمقراطية وغرقهم في هذه العبثية القاتلة لهم ولأجيال تتأثر بهم وتحرفها عن زعيمها مؤسس مدرستها السورية القومية الاجتماعية الجديدة, التي انتقلت بمفاهيم علم الاجتماع الى حقائقها التاريخية, وتاريخ نشأتها السوري التاريخي الاصيل و لن نخوض بها اكثر من ذلك هنا.

فتأثرت انت ايضا بهم ولم تكن الضحية الوحيدة

جزء رابع يتبع جزء خامس اخير وخلاصة

واسلموا للحق والمعرفة

لتحي سورية وليحي سعادة

الرفيق هاشم حسين

20/07/2019

شاهد أيضاً

السيد الحوثي للشعب الفلسطيني: لستم وحدكم ونحن واثقون بالنصر

قال قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “ننصح الأمريكي …