بعد ثمانية وعشرين يوماً على بدء عدوانه على قطاع غزة، عدوانه على أطفال غزة على وجه الخصوص، وجد العدو نفسه عالقاً في مصيدة. مصيدة بأبعاد وجبهات مختلفة، من تلك اليد الممتدة إلى دباباته من مسافة صفر بلا وجل ولا خوف، اليد التي لخصت وستلخص المشهد الميداني في غزة، إلى جنوب لبنان حيث صعّدت المقاومة الإسلامية من استهدافها لمواقع العدو، هي التي تتحكم بمعادلات الاشتباك حتى اللحظة ولا تأبه بتهديدات الولايات المتحدة الأميركية ومثلها حركة أنصار الله في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق: لقد علق الاسرائيليون في المصيدة.
وفي سياق التطورات، أعلن جيش العدو الاسرائيلي “مقتل جندي في معارك غزة البرية”، معلناً حسب قوله إن “إجمالي عدد الجنود القتلى منذ بداية المعركة البرية 25”. وأضاف العدو أن “260 جنديا إسرائيليا أصيبوا بجروح منذ بداية العملية البرية في قطاع غزة”. يأتي ذلك في وقت سبق أن أعلن فيه جيش العدو مقتل 4 ضباط خلال اشتباكات مع المقاومة شمالي القطاع، ومقتل قائد دبابة في العمليات البرية في القطاع.
في المقابل، كثفت المقاومة عملياتها بينما أكد المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة أمس أعداد القتلى الإسرائيليين “أكبر بكثير مما تعلنه قيادة العدو”.
إذ أعلنت كتائب القسام أنها استهدفت قوة إسرائيلية متحصنة في مبنى شمال بيت حانون (شمالي قطاع غزة) بخمس قذائف “تي بي جي”. وقالت الكتائب، في بيان، إن النيران اشتعلت في المبنى المستهدف، مشيرة ايضاً إلى قنص جندي إسرائيلي شمالي بيت حانون.
وأعلنت الكتائب قصف حشود الآليات المتوغلة غرب إيريز (شمالي قطاع غزة) بقذائف هاون من العيار الثقيل. كما قالت في بيان إنها استهدفت جرافة وناقلة جند بقذيفة “آر بي جي” وقذيفة “الياسين 105” شمال غرب مدينة غزة الليلة الماضية.
يأتي ذلك ضمن سلسلة عمليات نفذتها كتائب القسام في الساعات الماضية، واستهدفت خلالها قوات الاحتلال المتوغلة في غزة.
من جهتها، قالت سرايا القدس إن مقاتليها اشتبكوا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي من مسافات قريبة في محاور شرق خان يونس وشمال غرب غزة وشرق جباليا.
وفي وقت تستبسل فيه المقاومة في الميدان، تواصل الأخيرة استهداف المستوطنات الاسرائيلية على اختلافها بصليات من الصواريخ، مثبتة عدم تأثر قوتها الصاروخية مع اقتراب مرور شهر على بدء العدوان. فقد دوّت صفارات الإنذار في مستوطنة كيسوفيم في غلاف غزة.
وكانت مستوطنات غلاف غزة ومواقع عسكرية إسرائيلية هناك، قد تعرضت أمس الخميس، لضربات صاروخية جديدة من المقاومة الفلسطينية.
وبالتزامن مع خسائره في الميدان، واصل العدو اليوم الجمعة قصف الأحياء السكنية مما أسفر عن العديد من الشهداء، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد شهداء العدوان إلى أكثر من 9227 بينهم 3826 طفلاً والمصابين إلى 23516. وكانت حصيلة العدوان قد ارتفعت أمس إلى 9061 شهيداً، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى 22 ألف مصاب وأكثر من 2000 مفقود. في المقابل، أعلن جيش الاحتلال مقتل 339 ضابطاً وجنديا منذ بداية الحرب.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر إعلامية عن استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة بغارات جوية، مما أسفر عن شهداء وجرحى. واستشهد 15 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلاً غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وفي خان يونس أيضاً تم اليوم الجمعة تشييع الصحفي محمد أبو حطب الذي استشهد أمس إلى جانب 10 من أفراد عائلته إثر قصف إسرائيلي لمنزل عائلته.
كما استهدفت طائرات إسرائيلية مكتب وكالة الصحافة الفرنسية، وعدداً من المكاتب الصحفية في مدينة غزة، إذ يضم المبنى نفسه مجمعاً لمكاتب الإعلاميين، خاصة الوكالات الأجنبية، كما يضم مكاتب مؤسسات أجنبية ومؤسسات خيرية، وتم إخلاء هذه المكاتب بسبب تكرار الاستهداف الإسرائيلي لبرج حجي وبنايات أخرى في المنطقة الغربية من غزة.
وأفيد عن وقوع شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في مخيم المغازي وسط قطاع غزة. وكان 3 فلسطينيين استشهدوا قبل ذلك في قصف إسرائيلي، استهدف سيارة للنازحين غرب غزة، ومنزلاً في مخيم البريج وسط القطاع.
وفي وقت يبدو فيه جيشه عاجزاً عن تقديم انجازات يعوّل عليها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو للتغطية ولو جزئياً على الهزيمة المدوية في السابع من تشرين الأول/اكتوبر، أظهر استطلاع رأي لصحيفة معاريف أن 28% فقط من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو مناسب لرئاسة الحكومة. في المقابل رأى 49% أن عضو حكومة الطوارئ بيني غانتس هو الشخص المناسب لتولي المنصب.
نتنياهو يكابر: لن يدخل الوقود
رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد اليوم الجمعة، أن “الوقود لن يدخل إلى قطاع غزة”، وذلك وسط تحذيرات من خروج المستشفيات و”الأونروا” عن العمل بسبب انقطاع إمدادات الوقود. جاء ذلك وفقاً لما أفاد مكتب نتنياهو في بيان بعد اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
بدوره، جدد بلينكن التأكيد على أن لكيان الاحتلال “الحق والواجب في الدفاع عن نفسها”، حسب زعمه، مشدداً أن “الولايات المتحدة تفعل كل ما في وسعها لإعادة المختطفين الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة بأمان”، حسب قوله.
وزعم أنه “من المهم للغاية بذل كل ما في وسعهم لحماية المدنيين المحاصرين في القتال في غزة”، وذلك بالتزامن مع ارتكاب العدو المزيد من المجازر الوحشية كاستهداف نازحين على طريق الرشيد الساحلي في غزة، والذين كان من المفترض أن يتوجهوا إلى المناطق التي زعم الاحتلال أنها آمنة.
وواشنطن تتحدث عن “تآكل الدعم”
ووصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى الأراضي المحتلة في زيارة هي الثالثة، منذ بدء العدوان على غزة. وسيلتقي بلينكن نتنياهو، ويحضر اجتماعا لحكومته الأمنية، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وحسب الوكالة، يعتزم الوزير الأميركي “دعوة العدو بصورة خاصة لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين”، حسب زعمه، في وقت يرى فيه البعض ذلك تلميحاً لإمكانية فرض هدنة تأتي نتيجة لصمود المقاومة الفلسطينية والوضع المحرج للعدو.
وفي السياق، نقلت “سي إن إن” الأميركية عن مصدر دبلوماسي قوله إن بلينكن سيدفع العدو نحو “الموافقة على وقف مؤقت للغارات على غزة، للسماح بالوساطة”، مضيفاً أن “غارات إسرائيل على مخيم جباليا شمالي غزة، أثارت استياء بايدن وفريق الأمن القومي”، بحسب مصادر.
وقالت “سي إن إن “، نقلاً عن مسؤول في الإدارة الأميركية، إن “مشكلة “إسرائيل” أن الانتقادات أصبحت أعلى بين أفضل أصدقائها قبل منتقديها”، مشيرة إلى أن “المسؤولين الأميركيين قلقون من عدم دخول الوقود إلى غزة لأغراض إنسانية”. وفي هذا الاطار، فإن “بايدن وكبار مستشاريه حذروا “إسرائيل” من صعوبة تحقيق أهدافها العسكرية، مع اشتداد الغضب العالمي”، حسبما أفادت مصادر. وكان من اللافت إعلان “سي إن إن” أن “بايدن ووزيرا خارجيته ودفاعه، أكدوا خلال مباحثات خاصة مع الإسرائيليين تآكل الدعم لإسرائيل”.
في سياق منفصل، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في قمة منظمة الدول التركية في أستانا بكازاخستان، إن “فلسطين تشهد مأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل، مضيفاً أن “هناك جرائم ترتكب ضد الإنسانية في غزة، حيث تُقصف المستشفيات بوحشية”. وأكد أن “أولويتنا وقف شامل لإطلاق النار في غزة”.
المصدر: المنار + مواقع